للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الأولى باللقيط عند الإدعاء]]

(وإن ادَّعاه اثنانِ ووَصَف أحدُهما علامةً في جسَده فهو أولى به) أي: يجب على الملتقِط أنْ يدفَع اللّقيط إلى الذي وَصَف علامةً في جسَدِه وأصاب في وصفه لأنّ ذلك الواصف أولى بذلك اللقيط.

فإنْ قلت: ما الفَرق بين هذا وبين اللُّقطة، فإنّ في اللُّقطة إذا تنازَع فيها (١) اثنانِ ووَصَف أحدهما وأصاب ولم يصِف الآخر، فإنَّه لا يقضى لصاحب الوصف بل إذا تفرَّد الواصف يحِلّ للملتقِط أنْ يدفعها إليه ولا يلزم، وههنا يلزم.

قلتُ: الفرق بينهما هو أنّ إصابة الوصف أمر محتمِل يحتمِل أنّه إنّما أصاب لأنّه له، ويحتمِل أنّه إنّما أصاب لأنَّهرَأَى في يد غيره. والمحتمِل لا يصلُح سببَ الاستحقاق على الغير أما يصلح ترجيحًا لما هو سبب الاستحقاق، كاليد في دعوى النِّتاج. إذا ثبت هذا، فنقول: في فصل اللَّقيط قد وُجِد ما هو سبب الاستحقاق وهو الدعوة؛ لأنَّ الدَّعوة (٢) سَبب الاستحقاق في حقِّ اللّقيط. ألا ترى أنّه لو تفرَّد بدعوى اللّقيط قضى له به كما لو أقام البيِّنة فيُعتبر الوصف لترجيح سبب الاستحقاق. وأمّا في اللُّقطة فالدّعوى ليست بسببٍ للاستحقاق حتّى يترجّح بالوصف، فلو اعتبِر الوصف اعتبِر لأصل الاستحقاق، والوصف لا يصلح سببًا للاستحقاق، فافترقا (٣)؛ كذا في الذخيرة؛ ولأنّ العلامة مما يُرجع إليه عند الاشتباه كما في قصّة يوسف -عليه الصلاة والسلام- في قوله تعالى: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [يوسف: ٢٦]، وشريعة مَن قبلنا تلزَمنا إذا لم يلحقها التّنكير (٤).

وذكر في الإيضاح: قال أبو الحسن: إنْ وافق بعضَ العلامة وخالف البعضَ سقَط التّرجيح (٥) لأنَّه ليس الرُّجوع إلى الموافقة أولى من المخالفة.

[[أماكن وجود اللقيط]]

(وإذا وجد في مِصر من أمصار المسلمين) "والمسألة في الحاصل على أربعة أوجه:

أحدها: أنْ يجدَه مسلمٌ في مكان المسلمين كالمسجد ونحوه، فيكون محكومًا له بالإسلام.

والثاني: أنْ يجدَه كافرٌ في مكان أهل الكفر كالبِيعة والكَنِيسة فيكون محكومًا به بالكفر لا يُصلَّى عليه إذا مات.

والثالث: أنْ يجده كافِر في مكان المسلمين.


(١) ساقط من (ب).
(٢) مكرر في (ب).
(٣) ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ١١٣).
(٤) في (ب) "النكير".
(٥) ينظر تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٢٩٩).