للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[جواز بيع الرقبة بدين الاستهلاك]]

وقوله: (وذلك) أي: غرض الموْلَى (لا بالرقبة) أي: لا في تعلق الدين برقبة العبد (بخلاف دين الاستهلاك) يعني: أجمعوا (١) على أن رقبته تباع بدين الاستهلاك كذا في «المغني» (٢)، (وأصحابنا استدلوا بما روي: «أن النبي -عليه السلام- باع رجلًا في دينه يُقال له سُرَّق» (٣)، فحين كان بَيع الحر جائزًا باعه في دينه، ومن ضرورة بيع الحر في دينه بيع العبد في دينه، وما ثبت بضرورة النص فهو كالمنصوص (٤)، ثم انتسخ بيع الحر (٥)، وبقي بيع العبد مشروعًا فيباع في دينه، والمعنى: أن هذا دين ظهر وجوبه في حق الموْلَى، فتباع رقبة العبد فيه كدين الاستهلاك، فتأثيره ما ذكرنا، والدين لا يجب في ذمة العبد إلا شاغلًا مالية رقبته، ألا ترى أن دين الاستهلاك لمَّا ظهر وجوبه في حق الموْلَى، وتقرر سببه كان شاغلًا لمالية الرقبة؛ لأنه لا يظهر وجوبه في حق الموْلَى فإنه محجور عن مباشرة سببه (٦) لحق الموْلَى، فأما بعد الإذن فدين التجارة كدين الاستهلاك، [من حيث إنه ظهر وجوبه في حق الموْلَى] (٧) بإذنه؛ فبهذا الطريق يتحقق رضا الموْلَى بتعلق الدين بمالية الرقبة، ولم يظهر (٨) من صاحب الدين ما يدل على الرضا بتأخير حقه) كذا في «المبسوط» (٩).


(١) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ٢٠٤)، الاختيار (٢/ ١٠٢)، حاشية ابن عابدين (٦/ ١٤٣).
(٢) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ٢٠٤)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٤٩).
(٣) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ١٥٧) برقم (٦١٤٩)، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٧/ ١٦٥) برقم (٦٧١٦)، وأخرجه الدراقطنى في السنن: كتاب البيوع (٤/ ٢٠) برقم (٣٠٢٧)، وأخرجه البيهقى في السنن الكبرى: كتاب التفليس، باب ما جاء في بيع الحر المفلس في دينه (٦/ ٨٣) برقم (١١٢٧٢) واللفظ للطحاوي: (لقيت رجلا بالإسكندرية يقال له سرق فقلت: ما هذا الاسم؟ فقال: سمانيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدمت المدينة فأخبرتهم أنه يقدم لي مال فبايعوني فاستهلكت أموالهم فأتوا بي النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أنت سرق فباعني بأربعة أبعرة». فقال له غرماؤه: ما يصنع به؟ قال: «أعتقه» قالوا: ما نحن بأزهد في الآخر منك فأعتقوني)، قال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه) انظر: المستدرك (٢/ ٦٢)، قال الألباني (حسن). انظر: إرواء الغليل (٥/ ٢٦٤).
(٤) أي: يثبت الحكم بالدلالة إذا عُرف المعنى المقصود من الحكم المنصوص. انظر: أصول السرخسي (١/ ٦٥)، كشف الأسرار (٣/ ٣٣٦)، موسوعة القواعد الفقهية (٢/ ٥٤٠).
(٥) قال ابن عبد الهادي: (وفي إجماع العلماء على خلافه - وهم لا يجمعون على ترك رواية ثابتة - دليل على ضعفه، أو نسخه إن كان ثابتا) تنقيح التحقيق (٣/ ٢٤).
(٦) سقطت في (أ).
(٧) سقطت في (أ).
(٨) سقطت في (ع).
(٩) للسرخسي (٢٥/ ٤٩).