للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[مسألة إذا تغير مالك الأرض]]

أي: مٍن التغلبي الذي لم يشترها من مسلم، بل كانتْ له إرثًا مضاعفًا، عَشَّرَها كما إذا مّر على العاشر، فإنّ الذِّمِّي إذا مرَّ على العاشرِ بمالِ الزَّكَاةِ، فإنهُ يؤُخذ منه ضِعف ما يؤخذ من المسلم، وكذا إنْ اشتراها منُه مُسلم أو أَسلم التغلبي، أي: يبقى عشراً مضاعفًا كما كانْ، سواءً كان التضعيف أصليًّا بأنْ كانتْ الأراضي الْعُشْرِيةُ التي ضَوعِفَ عُشّرَها على بني تغلبٍ موروثهً مِن آبائهم، أو حارثًا بأن اشتراها التغلبي مِن المسلم كالخراجِ، فإنّ المسلمَ إذا اشترى الأرض الخراجية مِن كافر يبقى الخراج على المسلم، كما كان لزوالِ الداعي إلى التضعيف، وهو الكِفر، فعاد إلى الوظيفةِ الأصلية التي اقتضاها الآثار منِ الْعُشْرِ، أو نصفُ الْعُشْرِ ألا ترى أنَّ التغلبي إذا كانتْ له خمسٌ مِن الإبلِ سوائمَ، يجبُ عليه فيها شاتان، فلو باعها مِن مُسلِم أو أَسْلَمِ هو يؤُخذ مِنه شاةٌ واحدةٌ لمِا ذكرنا ولأبي حَنِيفَةَ -رحمه الله-: أنّا أجمعنا على أنّ الخراجَ يبقى بعدَ الإسلامِ، والبيع مِن المسلمِ وهذا الفِقهُ: وهو أنّ بقاءَ الحُكْمِ يستغني عنْ بقاءِ السببِ الابتداء يبنى؛] لأنه بيع باستصحاب الحال (١) (٢) [، ألا ترى أنّ المُلَكَ في المَهْرِ بعد ارتفاعِ النَّكْاحِ، وكذلك الرَّمْلُ (٣)، والاضطباعُ (٤) بَقيا بعدَ زَوْالِ الحاجةِ إلى إظهار الَتَجلُّدِ، ثُمَّ الفرقُ بينَ هذا وبين مسألةِ السَّوَائِم، وهُوَ أَنّ مالَ الزَّكَاةِ أَقْبَلُ للِتحُّولِ مِنْ وصفٍ إلى وصفٍ، ألا ترى أنّ مالَ التجارةِ يُبطِلُ عنه وصفُ الزَّكَاةِ بِنيِة القنيةِ، وكذلِك السَّوَائِم يبطلُ عنها وصفُ الزَّكَاةِ يجعلهُا عَلوُفةً، ولا كذلك الأراضي ألا ترى أنه إذا عطَّلها أعوامًا ما يُؤخذُ مِنه الخراجَ ومُحَمَّد هكذا يقول: إنّ الوظيفةَ إذا استقرتْ في الأراضي لا تتغيرُ مِن وصفٍ إلى وصف (٥)، كذا في "الفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة".


(١) استصحاب الحال هو: اعْتِقَادَ كَوْنِ الشَّيْءِ فِي الْمَاضِي أَوِ الْحَاضِرِ يُوجِبُ ظَنَّ ثُبُوتِهِ فِي الْحَالِ أَوِ الِاسْتِقْبَالِ.
وَيُمْكِنُ تَلْخِيصُ هَذَا بِأَنْ يُقَالَ: هُوَ ظَنُّ دَوَامِ الشَّيْءِ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ وُجُودِهِ قَبْلَ ذَلِكَ. يُنْظَر: شرح مختصر الروضة (٣/ ١٤٨)
(٢) في (أ) (لأنه يبقى باستصحاب الحال) وفي (ب): (لأنه بيع باستصحاب الحال) ولعل مافي (ب) هو الصواب لموافقته سياق الكلام.
(٣) الرمل وهو الهرولة فوق المشي دون الجري. يُنْظَر: الثمر الداني (ص: ٣٦٧).
(٤) الِاضْطِبَاعُ أَنْ يَتَوَشَّحَ بِرِدَائِهِ وَيُخْرِجَهُ مِنْ تَحْتِ إبْطِهِ الْأَيْمَنِ وَيُلْقِيَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ وَيُغَطِّيَهُ وَيُبْدِيَ مَنْكِبَهُ الْأَيْمَنَ. يُنْظَر: تَبْيِينُ الْحَقَائِق (٢/ ٩).
(٥) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٢٥٢).