للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله -رحمه الله-: (من غير أن ينقلب إحرامه إحرام العمرة).

هذا عند أبي حنيفة، ومحمد -رحمهما الله- وأما عند أبي يوسف -رحمه الله- فينقلب إحرامه إحرام عمرة، وفائدة هذا الاختلاف/ إنما تظهر في حق لزوم الرفض إذا أحرم لحجة أخرى، فعندهما يرفضها كي لا يصير جامعًا بين إحرامي الحجّ، وعند أبي يوسف لا يرفضها، بل يمضي فيها كذا ذكره فخر الإسلام،

وظهير الدين.

(على ما يأتيك في بابِ الفواتِ).

أراد به قوله: (لأن فائت الحجّ يتحلل بأفعال العمرة) لا قوله (منْ غير أنْ ينقلبَ إحرامه إحرام العمرة).

لأن هذا غير مذكور هنا، والله أعلم.

بَابُ الإِحْصَارِ

وقد ذكرنا وجه المناسبة فيما تقدم، المُحصر هو الذي أهلّ بحجة أو عمرة أو بهما، ثُمَّ مُنع من الوصول إلى البيت لمرض، أو عدو، أو لغيرهما على ما يأتي، ثُمَّ الكلام في الإِحْصَار في اثني عشر موضعاً:

أحدها: أن الإِحْصَار قد يكون بالعدو، وقد يكون بالمرض أو بعلة أخرى مانعة من المضي بأن سُرقت نفقته أو كانت امرأة فمات محرمها أو زوجها عندنا، وقال الشافعي (١) -رحمه الله-: "الإِحْصَار لا يكون إلا بالعدو"، وقد يكون بالمرض أو بعلة أخرى مانعة من المضي (٢) على ما نذكر.

والثاني: أن هدي الإِحْصَار لا يجوز ذبحه إلا في الحرم عندنا، وعند الشافعي

-رحمه الله- (٣) يجوز في المواضع كلها.

والثالث: أنه (٤) إذا أُحصر لا يحل إلا بالذبح عندنا (٥)، وقال مالك -رحمه الله- (٦): إذا أحصر يحل به من ساعته لقوله عليه السلام: «مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ فَقَدْ حَلَّ» (٧)، ولم يذكر فيه الهدي، ولنا قوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ


(١) انظر: المجموع (٨/ ٢٩٤)، مغني المحتاج (٢/ ٣١٣).
(٢) سقط من (ب، ج) من قوله: وقديكون بالمرض، إلى قوله: من المضي.
(٣) انظر: المجموع (٨/ ٣٠٣)، مغني المحتاج (٢/ ٣١٦).
(٤) ساقطة من (ج).
(٥) المحرم بالحج له التحلل إذا أحصره عدو بالإجماع، ويلزمه دم شاة، وهو مذهب الجمهور، وقال مالك: لادم عليه.
انظر: الفتح (٣/ ١٢٧)، الكافي (١/ ٤٠٠)، المجموع (٨/ ٢٢٤)، الشرح الكبير (٩/ ٣١٢).
(٦) انظر: الطرابلسي في "مواهب الجليل" (٣/ ١٩٦)، وابن عسكر في ارشاد السالك (ص ٤٩).
(٧) أخرجه أحمد في "المسند" (٢٤/ ٥٠٩) برقم: [١٥٧٣]، وأخرجه ابن ماجه في "سننه" باب: [المحصر] (٢/ ١٠٢٨) برقم: [٣٠٧٧]، وأخرجه أبو داود في "سننه" باب: [الإحصار] (٢/ ١٧٣) برقم: [١٨٦٢]، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (٦/ ١١٧) برقم: [١٦٢٧].