للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وَفِيهِ كَلَامٌ] (١) أَيْ وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبَا جَعْفَرٍ -رحمه الله-: يَقُولُ بَعْدَ زَوَالِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ، يُغْسَلُ مَرَّتَيْنِ، لِأَنَّهُ الْتَحَقَ بِنَجَاسَةٍ؛ غَيْرِ مَرْئِيَّةٍ، غُسِلَتْ مَرَّةً، فَتُغْسَلُ مَرَّتَيْنِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَطْهُرُ، وَإِنْ كَانَ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّ النَّجَاسَةَ، كَانَتْ بِسَبَبِ الْعَيْنِ، وَقَدْ تَيَقَّنَّا بِزَوَالِ الْعَيْنِ فَيُحْكَمُ (٢) بِطَهَارَتِهِ، كَمَا لَوْ غُسِلَ ثَلَاثًا، كَذَا فِي " الْمَبْسُوطِ " (٣).

[النَّجَاسَةُ الْغَيْرُ مَرْئِيَّةٍ]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَمَا لَيْسَ بِمَرْئِيٍّ) كَالْبَوْلِ وَالْخَمْرِ.

قَوْلُهُ: (وَيَتَأَيَّدُ (٤) ذَلِكَ بِحَدِيثِ الْمُسْتَيْقِظِ مِنْ مَنَامِهِ) (٥) وَهُوَ قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» (٦) فَلَمَّا أَمَرَ بِالْغَسْلِ ثَلَاثًا فِي النَّجَاسَةِ، الْمَوْهُومَةِ، فَفِي النَّجَاسَةِ الْمُتَحَقِّقَةِ أَوْلَى.


(١) مابين المعكوفين من كلام صاحب الهداية، حيث يقول: (وهذا يشير إلى أنه لا يشترط الغسل بعد زوال العين وإن زال بالغسل مرَّة واحدة وفيه كلام). ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٣٨).
(٢) في (ب): (ويحكم).
(٣) ينظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ٩٣).
(٤) في (ب): (وتأيد). المثبت بالمتن هو الصواب، ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٣٨).
(٥) يقول صاحب الهداية: (وما ليس بمرئي فطهارته أن يغسل حتى يغلب على ظن الغاسل أنه قد طهر " لأنَّ التكرار لا بد منه للاستخراج ولا يقطع بزواله فاعتبر غالب الظن كما في أمر القبلة وإنما قدروا بالثلاث لأنَّ غالب الظن يحصل عنده فأقيم السبب لظاهر مقامه تيسيرا ويتأيد ذلك بحديث المستيقظ من منامه). ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٣٨).
(٦) أخرجه البخاري في "صحيحه" (١/ ٩٥) في كتاب "الوضوء" باب "الاستجمار وترا" حديث رقم (١٦١)، ومسلم في "صحيحه (ص ١٣٤) في كتاب "الطهارة" باب " كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها ثلاثا" حديث رقم (٢٧٨).