للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ -رحمه الله- الْعِبْرَةُ لِغَلَبَةِ الرَّأْيِ، فِيمَا سِوَى وُلُوغِ الْكَلْبِ؛ حَتَّى إِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ طَهُرَ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، يَكْفِيهِ ذَلِكَ، لِظَاهِرِ قَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: «ثُمَّ اغْسِلِيهِ» وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ الْعَدَدَ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: غَلَبَةُ الرَّأْيِ فِي الْعَامِّ الْغَالِبِ، لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِالْغَسْلِ ثَلَاثًا، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ (١) فِيهِ قُلُوبُ النَّاسِ، فَأَقَمْنَا السَّبَبَ (٢) الظَّاهِرَ مَقَامَهُ (٣) تَيْسِيرًا كَذَا فِي"الْمَبْسُوطِ " (٤).

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (ثُمَّ لَا بُدَّ مِنَ الْعَصْرِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) (٥) (٦).


(١) في (ب): (مختلف).
(٢) السبب في اللغة: الحبل، اسم لما يتوصل به إلى المقصود والجمع أسباب.
انظر لسان العرب لابن منظور: (١/ ٤٥٨) (مادة: سبب)، التعريفات، للجرجاني: (ص: ١١٧).
والسبب شرعاً: أحد أقسام الحكم الوضعي، وهو ما يكون طريقًا إلى الحكم من غير تأثير، ينظر: فتح الغفار بشرح المنار المعروف بمشكاة الأنوار، لإبن نجيم (٣/ ٦٤)، وشرح التلويح على التوضيح؛ للتفتازاني (٢/ ١٣٧). التعريفات، للجرجاني (ص: ١١٧).
(٣) (مقامه)، ساقط من (ب).
(٤) ينظر: "المبسوط"للسرخسي (١/ ٩٣).
(٥) ظاهر الرواية: أي القول الراجح في كتب ظاهر الرواية و كتب ظاهر الرواية منهم من جعها ثلاثة وهي: "المبسوط" و "الزيادات" و "المحيط". ومنهم من جعلها ستة وهي: الجامع الصغير والكبير والسير الكبير والصغير، والزيادات و المبسوط. انظر: " رد المحتار " لابن عابدين (١/ ٥٠).
(٦) يقول صاحب الهداية: (ثم لا بد من العصر في كل مرَّة في ظاهر الرواية لأنه هو المستخرج). ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٣٨). وقوله: (في ظاهر الرواية): (احتراز عما روي عن محمد في غير رواية الأصول، إذا غسل ثلاث مرات وعصر في المرة الثالثة يطهر، وفي غير رواية الأصول أيضا أنه يكتفى بالغسل مرة، وهذا فيما ينعصر بالعصر، أما في غيره كالحصير مثلا فإن أبا يوسف يقول: يغسل ثلاثا ويجفف في كل مرة فيطهر؛ لأن للتجفيف أثرا في استخراج النجاسة فيقوم مقام العصر إذ لا طريق سواه والحرج موضوع ومحمد يقول: لا يطهر أبدًا؛ لأن الطهارة بالعصر وهو مما لا ينعصر) الْعِنَايَة شرح الهداية للبابرتي (١/ ٢١٠).