للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[كم يؤخذ من الذمي؟]]

ثُمَّ الذميُّ/ يُؤخذ منه ضِعْفُ ما يؤخذ من المسلمِ، فكذلك الحربي يؤُخذُ منه ضُعف ما يؤخذُ من الذميِّ، كذا ذكره الإمامُ المحبوبي (١) المجازاة بالتاء المدورة؛ لأنها مصدرٌ لا جمعَ مؤنثٍ، وإنما قلنا: (إنّ الأخذَ منهم بطريقِ المجازاة) (٢)؛ لأن عمُرَ -رضي الله عنه- أشارَ إلى هذا المعنى (٣) لماَّ سُئِل حين نَصَّبَ العُشّار، فقِيلَ لهُ: فكمْ نأخذُ مما يمرُّ به الحربي؟ فقال: "كم يأخذون منَّا؟ " قالوا: الْعُشْرِ، فقال: "خُذوا مِنّهمُ الْعُشْرِ" ولسنا نعني بقولنا: بطريق المجازاةِ أنْ أخذنا بمقابلةِ أخذهم أموالنا، فإنَّ أخذَهُم أموالنا ظُلمُ، وأخذُنا حقٌّ، ولكنَّ المرادَ أنا إذ عاملناهم بِمْثلِ ما يُعامِلونا؛ كانَ ذلك أقربَ إلى مقصودِ الأمانِ، واتصالِ التجاراتِ (٤)، كذا في "المَبْسُوط" (٥).

لأن القليلَ لم يزلْ عفوًا شرعًا، وعرفًا، فإنْ كانوا يظلموننا في أخذِ شيءٍ منَ القليلِ، فنحنُ لا نأخُذ منهم.

ألا ترى أنهم لو كانوا يأخذوَن جميع الأموال من التَّجارِ لا نأخذُ منهم مِثلَ ذلك؛ لأن ذلك يرجعُ إلى غَدْرِ الأمانِ، كذا في "المَبْسُوط" (٦).

يقولُ: عييتُ بأمري إذا لم يهدي لوجهه، وأعياني هو، كذا في الصِّحَاح (٧)، ومنه «فإنْ أعياكم، فالْعُشْرِ» (٨)، أيْ: جهلُكم، وذُكَرِ في "الفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة " مأخوذٌ من العِيِّ، وهو: الجهلُ (٩) قالَ -عليه الصلاة والسلام- «وإنما شِفاءُ الِعيِّ السؤالُ» (١٠)؛ لأنه غَدْرٌ (١١)، والغدرُ حَرامٌ، قال -عليه الصلاة والسلام-: «وفاءٌ لا غدر» (١٢).


(١) يُنْظَر: تَبْيِينُ الْحَقَائِق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (١/ ٢٨٥)، الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ٢٥٠).
(٢) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٠٥).
(٣) جامع الحديث للسيوطي باب مسند عمر بن الخطاب (٢٦/ ٨٤)، الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٢٢٨) ..
(٤) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة: (٢/ ٢٢٨).
(٥) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي: (٢/ ٣٦٠).
(٦) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي: (٢/ ٣٦١).
(٧) يُنْظَر: (٦/ ٢٤٤٣).
(٨) لم أجد من أخرجه من أصحاب الكتب وقال ابن حجر في الدراية (١/ ٢٦١) (غريب).
(٩) يُنْظَر: الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ٢٥١)، تَبْيِينُ الْحَقَائِق (١/ ٢٨٥).
(١٠) رَوَاهُ ابن داود في سننه، كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم (٣٣٧)، وابن ماجه في سننه، كتاب الطهارة وسننها، باب في المجروح تصيبه الجنابة فيخاف على نفسه إن اغتسل. من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- (٥٧٢) قال الشيخ الالباني (حسن).
(١١) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٠٦).
(١٢) رَوَاهُ ابن داود في سننه، كتاب الجهاد، باب في الإمام يكون بينه وبين العدو عهد فيسير إليه (٢٧٥٩)، والترمذي في سننه، كتاب السير، باب ما جاء في الغدر من حديث معاوية -رضي الله عنه- (١٥٨٠) قال الترمذي (حسن صحيح).