للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[السنة في قراءة الإمام يوم الجمعة]]

وَهُمَا احْتَجَّا بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «أَنَّهُ قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سُورَةَ الْجُمُعَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ الْمُنَافِقُونَ» (١) كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً، وَالْقِيَاسُ فِي الْفَجْرِ هَكَذَا وَإِنَّمَا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ لِعُذْرٍ (٢)؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ نَوْمٍ، وَغَفْلَةٍ، وَلِهَذَا خَصَّ الْفَجْرَ بِالتَّثْوِيبِ؛ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَوْقَاتِ، فَإِنَّهَا وَقْتُ عِلْمٍ (٣) وَيَقَظَةٍ، فَلَوْ تَغَافَلُوا؛ إِنَّمَا تَغَافَلُوا بِسَبَبِ اشْتِغَالِهِمْ بِأُمُورِ الدُّنْيَا، وَذَلِكَ مُضَافٌ إِلَى تَقْصِيرِهِمْ، وَاخْتِيَارِهِمْ، وَالنَّوْمُ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِمْ (وَالتَّفْصِيلُ هُنَاكَ؛ لَا يَكُونُ تَفْصِيلاً ها هُنَا) (٤).

ثُمَّ يَعْتَبِرُ (٥) التَّطْوِيلَ مِنْ حَيْثُ الْآيَاتِ؛ إِذَا كَانَ بَيْنَ مَا يَقْرَأُ فِي الْأُولَى، وَبَيْنَ مَا يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ مُقَابَلَةٌ (٦) مِنْ حَيْثُ الْآيِ؛ أَمَّا إِذَا كَانَ بَيْنَ الْآيَاتِ تَفَاوُتٌ، مِنْ حَيْثُ الطُّولِ، وَالْقِصَرِ تُعْتَبَرُ الْكَلِمَاتُ، وَالْحُرُوفُ، بَعْدَ هَذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ؛ بَعْضُهُمْ قَالُوا: (يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَالثُّلُثَيْنِ، وَالثُّلُثَانِ فِي الْأُولَى، وَالثُّلُثُ فِي الثَّانِيَةِ) (٧).

وَفِي "شرح الطحاوي" (٨) قَالَ: (يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى بِثُلُثَيْنِ (٩) وَفِي الثَّانِيَةِ بِقَدْرِ عَشْرِ آيَاتٍ، أَوْ عِشْرِينَ هَذَا هُوَ بَيَانُ الْأَوْلَوِيَّةِ) (١٠) وامَّا بَيَانُ الْحُكْمِ فَنَقُولُ التَّفَاوُتُ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا بِأَنْ قَرَأَ فِي الْأُولَى بِأَرْبَعِينَ آيَةً، وَفِي الثَّانِيَةِ بِثَلَاثِ آيَاتٍ؛ لَا بَأْسَ بِهِ، وَرَدَّ الْأَثَرَ، وامَّا إِطَالَةُ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَمَكْرُوهٌ بِالْإِجَمَاعِ كَذَا فِي " الْمُحِيطِ " (١١).


(١) أخرجه مسلم في"صحيحه" (ص ٣٣٨)، كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الجمعة، حديث (٨٧٧).
(٢) في (ب): (بعذر).
(٣) في (ب): (نوم).
(٤) في (ب): (فالتفضيل هناك لا يكون تفضيلاً ها هُنَا).
(٥) في (ب): (تعبير).
(٦) في (ب): (مقاربة).
(٧) ينظر: "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٣٠٦).
(٨) في (ب): (البجاوي).
(٩) في النسخة (أ): بثلثي آية، وهو خطأ، والمثبت من النسخة (ب): بثلثين وهو أقرب للصواب.
(١٠) ينظر: "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٣٠٦)، و" البناية شرح الهداية للعيني " (٢/ ٣١٠).
(١١) انظر: "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٣٠٦).