للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضرورة ههنا. فجعلناه ابتداءً ومعنى قوله اتزن (١) أي: اقعد وزانًا للناس واكتسب به ولا تؤذني بالدعوى الباطلة فحصل من هذا كله أن ما لا يستقل كلامًا بنفسه إما بكلمة تصديق أو بالكناية الراجعة إلى المذكور قبله أو بمعنى من المعاني كقوله: لم تحل بعد هذا أو ليست اليوم عندي يكون جوابًا وإقرارًا وإلا فلا؛ لأن التاء (٢) في قوله: لم تحل كناية عن الألف فكان كلامه جوابًا وهذا اللفظ من دعوى التأجيل، وأن يكون الأجل إلا بعد وجوب أصل المال وكذلك لو قال: غدًا لأن هذا غير مفهوم المعنى بنفسه فلا بد من حمله على الجواب. وهذا استمهال للقضاء للغد فلا يكون ذلك إلا بعد وجوب المال، وكذلك لو قال: واللّه، لا أقضيكها، أو لا أزِنها لك اليوم؛ لأنه نفى القضاء والوزن في وقت بعينه وذلك لا يكون إلا بعد وجوب أصل المال عليه، فأما إذا لم يكن أصل المال واجبًا فالقضاء يكون منتفيًا أبدًا فلا يحتاج إلى تأكيد نفي القضاء باليمين لأنه في نفسه منتف كذا في المبسوط (٣).

[دعوى الإبراء والصدقة، والهبة]

(ودعوى الإبراء): بأن قال: أبرأتني. (وكذا دعوى الصدقة، والهبة): يعني: لو قال تصدقت بها علي، أو وهبتها لي كان إقرارًا، لأن هذا دعوى التمليك منه، ولا يكون ذلك إلا بعد وجوب المال في ذمته، فإن قلت: هل من صورة كان تصديق كلام المدعي ورده كلاهما إقرارا؟ قلت: نعم، وهو كما ذكرت من قوله: واللّه، لا أقضيكها، أو لا أزنها لك اليوم إقرار، وكذلك أقضيتكها اليوم أيضًا إقرار. كما أن سأعطيكها أو غدًا أعطيكها إقرار، وكذا لو قال رجل لآخر: أعطني ثوب عبدي هذا فقال: نعم، فقد أقرَّ له بالثوب والعبد وكذلك لو قال:


(١) هنا يوجد كلام بين السطرين في (أ) لعله: قيل أي: من زن كمن فكّر بميزان العقل.
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي ١٨/ ١٦.