للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الموجب الأصلي هو رد عين المغصوب]]

وكذلك الضمان في غصب المُدبَّر ليس إلا لتفويت اليد؛ فعُلم بهذا أن اليد حق مقصود (وهو الموجب الأصلي) أي: رد عين المغصوب هو الموجب (١) الأصلي (ويظهر ذلك في بعض الأحكام) وهي: ما إذا أُبرأ الغاصب عن الضمان حال قيام العين ببراء حتى لو هلك بعد ذلك [في يده] (٢) لا ضمان عليه، ولو لم يكن وجوب القيمة على الغاصب في هذه الحال ثابتًا لما صحَّ الإبراء؛ لأن الإبراء عن العين لا يصحُّ (٣).

ومنها (٤): صحة الكفالة مع أن الكفالة لا تصح بالعين بل بالدين.

ومنها (٥): عدم وجوب الزكاة؛ فإن الغاصب إذا كان له نصاب في ملكه (٦)، وقد غصب شيئًا وهو قائم في يده (٧)، فلا تجب عليه الزكاة إذا انتقض النصاب بمقابلة وجوب قيمة المغصوب عليه (٨)، هذا حاصل ما وجدت بخط شيخي (٩) - رحمه الله-.

[[للحاكم حبس الغاصب إذا ادعى هلاك المغصوب]]

(فإن ادَّعَى هلاكها حبسه الحاكم) إلى آخره؛ وفي «المبسوط» (١٠) (رجل غصب من رجل جارية فغيَّبها فأقام المغصوب/ منه البيّنة أنه قد غصب جارية له، فإنه يُحبس حتى يجيء بها، ويردها على صاحبها، وكان أبو بكر الْأَعْمَش (١١) - رحمه الله- يقول (١٢): تأويل هذه المسألة أن الشهود شهدوا (١٣) على إقرار الغاصب بذلك؛ لأن الثابت من إقراره بالبينة كالثابت بالمعاينة (١٤)، فأما الشهادة على فعل الغصب فلا تُقبل مع جهالة المغصوب؛ لأن المقصود إثبات الملك للمدّعي في المغصوب، ولا يتمكن القاضي من القضاء بالمجهول (١٥)، فلا بدَّ من الإشارة إلى ما هو المقصود بالدَّعوى في الشهادة، ولكنَّ الأصح أن هذه الدعوى والشهادة صحيحة لأجل الضرورة؛ فإنّ الغاصب يكون ممتنعًا من إحضار المغصوب عادة وحين يَغْصِب؛ فإنما يتأتَّى من الشهود معاينة فعل الغصب دون العلم بأوصاف المغصوب، فسقط اعتبار علمهم بالأوصاف لأجل التعذّر، ويثبت بشهادتهم فعل الغصب في محل هو مال متقوّم (١٦)، فصار ثبوت ذلك بالبينة كثبوته بإقراره، فيُحبس حتى يجيء به.


(١) في (ع): (الواجب) وما أثبت هو الصحيح. انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٣٢٢).
(٢) سقطت في (ع).
(٣) قال زُفر: (هو ضامن للقيمة؛ لأن الإبراء عن العين لغو، فإن الإبراء إسقاط، والعين ليست بمحل له إذ لا تسقط حقيقة، ولا يسقط ملك المالك عنها أيضًا، وإضافة التصرف إلى غير محله لغو). المبسوط للسرخسي (١١/ ١٠٧)، بدائع الصنائع (٧/ ١٥٢).
(٤) انظر: بدائع الصنائع (٦/ ١٠)، العناية شرح الهداية (٩/ ٣٢٢).
(٥) انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٣٢٢)، البناية شرح الهداية (١١/ ١٨٩).
(٦) في (ع): زيادة (لا يصح بالعين).
(٧) في (ع): (ملكه) وما أثبت هو الصحيح. انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٣٢٢).
(٨) سقطت في (ع).
(٩) انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٣٢٢)، البناية شرح الهداية (١١/ ١٨٩).
(١٠) للسرخسي (١١/ ٦٦).
(١١) هو: سليمان بن مهران الأسدي بالولاء، أبو محمد، الملقب بالأعمش، تابعي، مشهور، أصله من بلاد الري، ومنشؤه ووفاته في الكوفة، كان عالما بالقرآن والحديث والفرائض، قال الذهبي: كان رأسًا في العلم النافع والعمل الصالح، وقال يحيى القطان: هو علامة الإسلام توفي ١٤٨ هـ. انظر: تهذيب الكمال (١٢/ ٧٦)، سير أعلام النبلاء (٦/ ٢٢٨)، تهذيب التهذيب (٤/ ١٩٥)، صفة الصفوة (٣/ ١١٧).
(١٢) انظر: المحيط البرهاني (٥/ ٤٩٢)، فتاوى قاض خان (٣/ ١١١).
(١٣) سقطت في (أ).
(١٤) انظر: المبسوط للسرخسي (١٧/ ٥٤)، بدائع الصنائع (٦/ ٢٣٢).
(١٥) انظر: المبسوط للسرخسي (١٤/ ١٦٥)، المحيط البرهاني (٩/ ٤٩٨).
(١٦) المال المتقوم: هو مَا يَمِيلُ إلَيْهِ الطَّبْعُ وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ. حاشية ابن عابدين (٤/ ٥٠١).