للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدليل على هذا ما ذكره الإمام قاضي خان بعد ذِكر اختلافهم في التَّزكية على هذا الوجه، فقال: «ثم فَرَّع أبو حنيفة- رحمه الله -، فقال على قول من يرى المسألة عن الشَّهود؛ فكان هذا نظير مسألة المزارعة، لم يقبل قول الخصم أنَّه عدل معناه قول المدعى عليه.

وعن أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: أنَّه يجوز هذا إذا كان المدَّعَى عليه عدلاً يصلح مزكِّياً، فإن كان فاسقاً، أو مستوراً، أو سكت عن جواب المدَّعِي ولم يجحد، فلما شهدوا عليه قال: هم عُدولٌ لا يصح هذا التَّعليل؛ لأنَّ العدالة في المزكِّي شرط عند الكل، ولم توجد.

وعن محمد أنَّ القاضي يسأل المدَّعَى عليه، شهدوا عليه بحق أم بغير حقِّ، فإن قال بحق فهو إقرارٌ، وإن قال بغير حقِّ: لا يقضي بشيء». كذا في الجامع الصغير لقاضي خان (١).

«وإذا كان رسول القاضي» (٢): المزكِّي على ما يُذكر في الكتاب.

[وكان] (٣) قوله: «الذي يسأل عن الشُّهود» (٤)، صفة الرسول وتفسيره، والذي يسأل عنه الشُّهود وهو المزكِّي؛ فكان المراد برسول القاضي هو المزكِّي.

[في اشتراط العدد في الشهادة]

«وقال محمد - رحمه الله -: لا يجوز إلا اثنان» (٥)؛ أي: في الحكم الذي يثبت بشهادة رجلين، كما في عامة الأحكام، وأمَّا في الحكم الذي يحتاج القاضي إلى أربع من الشًّهود في الحكم يشترط فيه أربعة من المزكِّين أيضاً، كذا ذكره في الذَّخيرة (٦).

وكذا أيضاً ذكره في الكتاب بُعَيدَ هذا.

ثم قال في الذَّخيرة: وأجمعوا على أنَّ ما سوى العدد في سائر شرائط الشَّهادة، سوى التَّلفظ بلفظة الشَّهادة من العدالة، والبلوغ عن عقل، والبصر وأن لا يكون محدوداً في قذف، والحريَّة شرطٌ (٧).

«وتُشترط الذُّكورة في المزكِّي في الحُدود … » (٨).

أي: بالإجماع، وإليه أشار في المختلف (٩).


(١) يُنظر: تبيين الحقائق (٤/ ٢١٢)، البناية شرح الهداية (٩/ ١١٩)، فتح القدير (٧/ ٣٨١).
(٢) الهداية (٣/ ١١٩).
(٣) في «س»: [فكان].
(٤) الهداية (٣/ ١١٩).
(٥) الهداية (٣/ ١١٩).
(٦) ينظر: فتح القدير (٧/ ٣٨٢).
(٧) المحيط البرهاني (٨/ ٩٦).
(٨). والقصاص. الهداية (٣/ ١١٩).
(٩) قال العيني في البناية شرح الهداية (٩/ ١٢٠): «وذكره في «المختلف والحصر» في كتاب الحدود من باب أبي حنيفة - رَحِمَهُ الله-: يشترط الذكورة في المزكي عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ الله- خلافاً لهما، ويشترط أيضاً عند الأئمة الثلاثة فيما لا يثبت بشهادة النساء، وعلى هذا الخلاف الجرح، فعندهما يثبت بواحد، وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله».