للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الجناية بترك الواجب في باقي أفعال الحج والوقوف بعرفة]

قوله (١): (لا يسقط عنه الدم في ظاهر الرواية).

لأن الواجب على من وصل إلى عرفات بعد الزوال استدامة الوقوف إلى غروب الشمس، ولم يتدارك ذلك بالانصراف بعد غروب الشمس فلا يسقط عنه الدم.

قوله: (وإن عاد قبل غروب الشمس حتى أفاض مع الإمام) ذكر الكرخي

- رحمه الله- في «مختصره» (٢): (أن الدم يسقط عنه)؛ لأن الواجب عليه الإفاضة مع الإمام بعد غروب الشمس فقد تدارك ذلك في وقته، ومن أصحابنا من يقول: لا يسقط عنه الدم هاهنا أيضًا؛ لأن استدامة الوقوف قد انقطعت بذهابه، وبرجوعه لا يصير وقوفه مستدامًا، بل ما فات عنه لا يمكن تداركه فلا يسقط عنه الدم، كذا في «المبسوط» (٣).

وذكر الإمام الإسبيجابي؛ لأن الدم وجب لفوت الامتداد إلى غروب الشمس، وبالعود لا يقع التدارك بخلاف ما لو طاف جنباً، ثُمَّ أعاده؛ لأن التدارك قد حصل فبطل عنه الدم، ومن ترك الوقوف بمزدلفة فعليه دم؛ لأنه من الواجبات ذكر هذا، وذكر السعي بين الصفا والمروة بأنهما واجبان قد مر، وإنما أعاد هاهنا؛ لأن هذا الفصل فصلٌ ذكر فيه جنس ما ترك من الواجبات من أفعال المناسك، وهما من تلك الأجناس فذُكر لذلك، ومن ترك رمي الجمار في الأيام كلها، وهي أربعة أيام فإن ابتدأ يوم النحر، وهو اليوم العاشر من ذي الحجّة إلى ثلاثة أيام، وفي اليوم الثالث، وهو اليوم الثاني عشر النفر الأول، وإن مكث إلى اليوم الرابع رمى فيه، وفيه النفر الثاني، وقد ذكرناه، ويكفيه دم واحد خلافًا لقول بعض المشايخ: فإن عندهم يجب لكل يوم دم واحد.

قوله -رحمه الله-: (لأن الجنس متحد كما في الحلق).

فإنه لو حلق شعر البدن كله يلزمه دم واحد، وإن كان لزمه دم لو اقتصر على البعض كذا في «مبسوط// ي

شيخ الإسلام» (٤)،

(والترك إنما يتحقق بغروب الشمس من آخر أيام الرمي).

وهو اليوم الرابع من أول يوم النحر، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجّة، وإنما لا يبقى وقت الرمي بغروب الشمس في آخر أيام الرمي، ولا يبقى في تلك الليلة التي غربت الشمس بخلاف الليالي التي قبلها حيث يبقى وقت الرمي الذي في النهار كما في رمي جمرة العقبة؛ لأن الليلة الأخيرة ليست بوقت الرمي وليست بتابعة للتي (٥) قبلها، وإنما جُعلت تبعًا إذا تعقبها الرمي حتى تصير متخللة.


(١) ساقطة من (ب).
(٢) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ١٢٧)، العناية شرح الهداية (٣/ ٦٠).
(٣) انظر: المبسوط (٤/ ٥٦).
(٤) انظر: المبسوط للشيباني (٢/ ٤٣٣)، العناية شرح الهداية (٣/ ٦٠)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (٣/ ٢٥).
(٥) في (ب): للذي.