للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في «المبسوط» (١): (وإن لم يستدم الوقوف إلى وقت غروب الشمس لم يجب عليه الدم إذا أفاض قبل غروب الشمس؛ لأن نفس الغروب ركن واستدامته إلى غروب الشمس واجبة لما فيها من إظهار مخالفة المشركين فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمر به، وترك الواجب يوجب الجبر بالدم؛ لأن استدامة الوقوف على من وقف نهارًا لا ليلًا؛ لأن ظاهر قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من وقف بعرفة بليلٍ أو نهارٍ فقد أدرك الحجّ» (٢) يقتضي أن لا يكون الامتداد شرطًا لا في الليل، ولا في النهار غير أنّا تركنا ظاهر هذا الحديث في حق النهار بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «فادفعوا بعد غروب الشمس» (٣) وقوله -صلى الله عليه وسلم-:

«اثبتوا على مشاعركم حتى تغرب الشمس» (٤)، والمعنى مخالفة المشركين فيه على

ما ذكرنا، فبقي الباقي على ظاهره فلا يكون الامتداد شرطًا في الليل، فإن عاد إلى عرفة بعد غروب الشمس لا يسقط عنه الدم.

وروى ابن شجاع عن أبي حنيفة أنه يسقط عنه الدم، وقال: لأنه استدرك ما فاته، وأتى بما عليه؛ لأن الواجب عليه الإفاضة بعد غروب الشمس، و [قد] (٥) أتي بها فيسقط عنه الدم كمن جاوز الميقات حلالًا، ثُمَّ عاد إلى الميقات فأحرم.


(١) انظر: المبسوط (٤/ ٥٦).
(٢) سبق تخريجه (٩٦).
(٣) أخرجه أبو داود في "سننه" باب: [صِفَةِ حَجَّةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (٢/ ١٨٢) برقم: [١٩٠٥] بلفظ: «فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ»، وأخرجه الترمذي في "سننه" باب: [مَا جَاءَ أَنَّ عَرَفَةَ كُلَّهَا مَوْقِفٌ] (٣/ ٢٢٣) برقم: [٨٨٥]، بلفظ: «ثُمَّ أَفَاضَ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ». وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (٢/ ٧٨٣) برقم: [٢٥٥٥].
(٤) أخرجه الفكهاني في باب أخبار مكة برواية محمد بن يحيي قال حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار عن عمرو بن صفوان قال: إن يزيد بن شيبان قال: كنا في موقف لنا بعرفة خلف الموقف في مكان بعيد، فاتانا ابن مربع الأنصاري فقال: إني رسول رسول الله - -صلى الله عليه وسلم- إليكم يقول لكم: " اثبتوا على مشاعركم، فإنكم على إرث من إرث إبراهيم " (٥/ ١٠)، برقم ٢٧٩٠.
(٥) أثبته من (ب) وفي (أ) لم، ولعل الصواب ماأثبته لموافقته سياق الكلام.