للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا إذا احتَجمَ (١) (لهذا) (٢)، أيْ: لِعَدَمِ المنافي، (ولمِا رَوينا)، (٣) وهو ما ذُكِرَ قبله «ثلاثٌ لا يُفَطِّرْنَ الصائِمَ» (٤)، ولو اكتحلَ لم يُفطِرْ (٥)، وإنْ وَجَدَ طعمهُ في حَلْقِهِ (٦).

[[الإكتحال للصائم]]

وكانَ إبراهيمُ النخعي -رحمه الله- (٧) (٨) يكرهُ للصائِمِ أنْ يكتحلَ، وابْنُ أبي لَيْلَى (٩) كانَ يقولُ: إذا وَجَد طعمَهُ في حَلْقِهِ فَطَّرَهُ لوصولِ الكُحلِ إلى باطنِهِ، ولنا حديثُ أبي رافعٍ: «أنّ النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- دَعا بمكحلةِ إثمدٍ (١٠) في رمضانَ فاكتحلَ وهوَ صائِمٌ» (١١) وعن أبي مسعودٍ -رضي الله عنه- قالَ: (خرجَ رسولُ اللهِ -عليه الصلاة والسلام- يومَ عاشوراءَ مِن بيتِ أمِّ سَلَمَةَ، وعيناهُ مملوءتانِ كُحلاً كَحليةِ أمِّ سلمةَ) -رضي الله عنها- (١٢) وصومُ عاشوراءَ في ذلك الوقتِ كانَ فرضاً (١٣)، ثُمَّ صارَ منسوخاً، ثُمَّ ما وَجَدَ مِنَ الطَّعمِ في حلقهِ أثراً للكُحلِ لأَعينهِ كمنْ دقَّ شيئاً مِنَ الأدويةِ المُرةِ يجدُ طعمهُ في حلقهِ فهو قياسُ الغَبارِ، والدخانِ، ولَئِنْ وَصَلَ غَبَنُ الكُحلِ إلى باطنهِ فذلكَ مِن قِبَلِ المُسَاْم لا مِنْ قِبَلِ المسالِكِ إذ ليسَ مِنَ العينِ إلى الحلقِ ينفذُ، فهو نظيرُ الصائمِ يشرعُ في الماءِ، فيجدُ برودةَ الماءِ في كبدِهِ، وذلك لا يضرُهُ. كذا في «المَبْسُوط» (١٤).


(١) يُنْظَر: بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ١٠٧)، وقيد عدم الكراهة في الْمُحِيط الْبُرْهَاني بما إذا أمن على نفسه من الضعف (٢/ ٦٤٩).
(٢) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ٤٠).
(٣) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٢٢).
(٤) رَوَاهُ الترمذي في سننه (٧١٩)، كتاب الصَّوْم، باب الصائم يذرعه القيء، من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. قال الألباني: ضعيف.
(٥) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ٤٠).
(٦) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣٣٠).
(٧) هو: إبراهيم بن زيد بن قيس بن الأسود، أبو عمران، من مذحج اليمن من أهل الكوفة، ومن كبار التابعين، أدرك بعض متأخري الصحابة، ومن كبارالفقهاء. قال عنه الصفدي: فقيه العراق. أحذ عنه حماد بن أبي سليمان وسماك بن حرب وغيرهما.
يُنْظَر: (تذكرة الحفاظ: ١/ ٧٠)، و (الأَعْلَام للزركلي: ١/ ٧٦)، و (طبقات ابن سعد: ٦/ ١٨٨ - ١٩٩).
(٨) يُنْظَر: مصنف ابن أبي شيبة (٣/ ٤٦)، المَبْسُوط (٣/ ١٢١).
(٩) يُنْظَر: مصنف عبدالرزاق (٤/ ٢٠٨)، الْمُغْنِي (٣/ ٣٦).
(١٠) الإِثْمِدُ: بكسر الهمزة والميم الكحل الأسود، المصباح المنير (١/ ٨٤).
(١١) رَوَاهُ ابن خزيمة في صحيحه (٢٠٠٨ - ٣/ ٢٤٨)، وقال الأعظمي: الحديث منكر، فمعمر بن مُحَمَّد بن عبيد الله منكر الحديث.
(١٢) أخرجه الحارث في مسنده (٢/ ٦١٣ - ٥٨٢)، وقال ابن حجر في المطالب العالية (٢/ ٢٧٧): وفيه عمرو بن خالد وهو واه.
(١٣) يُنْظَر: بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ١٠٣).
(١٤) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ٣/ ١٢١.