للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(لما بيّنا)

إشارة إلى قوله: لأنه بمنْزلة الغصب فالحكم في المغصوب كذلك.

(ثُمَّ شك بعد ذلك في الرواية) (١)

[[بيع الدار بيعا فاسدا]]

أي: في حفظ الرواية عن أبي حنيفة -رحمه الله- لا في مذهب أبي حنيفة (٢)، بل مذهب أبي حنيفة أنه ينقطع حق البائع بالبناء من غير شك على ما يذكر. "وقال شمس الأئمة السرخسي -رحمه الله- هذه المسألة (٣) (٤) الثالثة التي جرت المحاورة فيها بين أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله-، [وقال أبو يوسف -رحمه الله-: ما رويت عن أبي حنيفة -رحمه الله- أنه يأخذ قيمتها وإنما رويت لك أنه ينقض البناء، وقال محمد رحمه الله: بل رويت لي عنه/ أنه يأخذ قيمتها" (٥) ثُمَّ قال شمس الأئمة هذا -رحمه (٦) الله] (٧) وقد أشار إلى ذلك في بعض النسخ فقال:

ثم شك يعقوب (٨) في هذه المسألة بعد ذلك.

(حتى يحتاج فيه إلى القضاء)

أو الرضاء ولا يورث.

(بخلاف حق البائع) (٩)

فإنه يورث، وقد ذكرنا أن البايع بيعاً فاسداً إذا مات فلوارثه حق الاسترداد.

(وله: أن البناء والغرس مما يقصد به الدوام) (١٠)

هذا احتراز عن الإجارة بخلاف حق الشفيع، وإنه وإن كان ضعيفاً لكن لم يوجد منه التسليط على البناء، فلذلك كان له حق نقض البناء، بخلاف البائع، ألا يرى أن المشتري لو بنى في الدار ثم استحق موضع البناء ونقض البناء رجع المشتري بقيمة البناء على البائع، والشفيع لو بنى ثم استحقت ونقض لا يرجع، فإذا ثبت بما ذكرنا أن حق البائع قد انقطع في الاسترداد كان للشفيع أن يأخذ بشفعتة بالقيمة؛ لأن البيع الفاسد لا يوجب الشفعة ما دام حق الاسترداد باقياً (١١)، فلما انقطع حق البائع بالبناء في الاسترداد عند أبي حنيفة رحمه الله كان للشفيع الشفعة؛ لأنه لما انقطع حق البائع صار هذا بمنْزلة البيع الصحيح فينقض الشفيع بناء المشتري، وإن باعها المشتري من آخر فالشفيع أخذها بالبيع الثاني بالثمن أو بالبيع الأول بالقيمة، وإن كان لا شفعة في البيع الفاسد؛ لأن ههنا انقطع حق البائع، وإن وهبها المشتري يأخذ (١٢) الشفيع بالبيع الفاسد بالقيمة، واتفقت (١٣) الروايات أن الطلب في البيع الفاسد يعتبر وقت انقطاع حق البائع لا وقت الشرى (١٤).


(١) قال في الهداية: "قال: ومن باع داراً بيعاً فاسداً فبناها المشتري فعليه قيمتها" عند أبي حنيفة -رحمه الله- رواه يعقوب عنه في الجامع الصغير، ثم شك بعد ذلك في الرواية. "وقالا: ينقض البناء وترد الدار، والغرس على هذا الاختلاف. لهما أن حق الشفيع أضعف من حق البائع حتى يحتاج فيه إلى القضاء ويبطل بالتأخير" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٨٨).
(٢) المحيط البرهاني (٧/ ٢٥٥).
(٣) سقط من (ب).
(٤) "هي المسألة " في (ب)، وهي في هامش (أ).
(٥) العناية شرح الهداية (٦/ ٤٧٢).
(٦) "رَحْمَة" في (ب).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(٨) أي: القاضي أبو يوسف، وقد سبق ترجمته.
(٩) قال في الهداية: " ثم أضعف الحقين لا يبطل بالبناء فأقواهما أولى" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٨٩).
(١٠) قال في الهداية: "وله أن البناء والغرس مما يقصد به الدوام وقد حصل بتسليط من جهة البائع فينقطع حق الاسترداد كالبيع، بخلاف حق الشفيع" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٨٩).
(١١) "قائما" في (ب).
(١٢) "يأخذها" الهاء زيادة في (ب).
(١٣) "وأثبتت" في (ب).
(١٤) ينظر: المحيط البرهاني (٧/ ٢٧١)، شرح فتح القدير (٦/ ٤٣٣)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٨٠).