للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[[الإبراد بالظهر]]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَالحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رُوِّينَا) (١) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ: «أَسْفِرُوا بِالفَجْرِ».

وَقَوْلُهُ: (وَمَا يَرَوْنَهُ) (٢) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: «وَإِذَا كَانَ فِي الصَّيْفِ أَبْرَدَ بِهَا»، فَإنَّهُ يَدَّعِي التَّعْجِيلَ فِي كُلِّ صلاةٍ، فَكَانَ الإِبْرَادُ (٣) بِالظُّهْرِ حُجَّةً عَلَيْهِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ -رضي الله عنه- فِي الظُّهْرِ: (إِنْ كَانَ يُصَلِّي وَحْدَهُ، يُعَجِّلُهَا بَعْدَ الزَّوَالِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي بِالجَمَاعَةِ؛ يُؤَخِّرُ يَسِيرًا (٤) (٥)، وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ (٦).

قَالَ: «شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا فَلَمْ يُشْكِنَا» (٧) أَيْ؛ لمْ يُزِلْ شِكَايَتَنا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُعَجِّلُ الظُّهْرَ، وإنا نَقُولُ: تَأْوِيلُهُ (٨) أَنَّهُمْ طَلَبُوا تَرْكَ الجَمَاعَةِ أَصْلًا بِدَلِيلٍ، أَنَّهُمْ إِذَا دَخَلُوا المَسْجِدَ لَا يُؤْذِيهِمْ حَرُّ الرَّمْضَاءِ، فَكَانَ شَكْوَاهُمْ لِأَجْلِ القُعُودِ عَنْ الجَمَاعَةِ، عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: «فَلَمْ يُشْكِنَا» أَيْ؛ لمْ يَدَعْنَا فِي الشِّكَايَةِ، بَلْ أَزَالَ شَكْوَانَا؛ بِأَنْ أَبْرَدَ بِهَا.


(١) قوله: (مَا روينا) خطأ، صوابه: (والحجة عليه مَا رويناه) والمقصود أَنَّهُ حجة عَلَى الإمام الشافعي -رحمه الله-، ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤١).
(٢) فِي (ب): (نرويه). و (ب) هي الصواب، ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤١)
(٣) الإبراد: انكسار الوهج والحر، وهو من الإبراد: الدخول في البرد. وحكى الأزهري عن العرب أنهم كانوا في شدة الحر ويقيلون، فإذا زالت الشمس ثاروا إلى ركابهم، ونادى مناديهم: ألا قد أبردتم فاركبوا. "النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير: (١/ ١١٤)، "لسان العرب لابن منظور": (٣/ ٨٤).
(٤) فِي (ب): (تيسيرا).
(٥) ينظر: "الأم للشافعي" (١/ ٧٣).
(٦) خباب بن الأرت: هُوَ خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب. من بني سعد وكَانَ سادس ستة فِي الإسلام. شهد بدرًا. نزل الكوفة وابتنى بها دارًا فِي جهار سوج خنيس وتوفِي بها منصرف علي. -رضي الله عنه-. من صفين سنة ٣٧ هـ فصلى عليه علي ودفنه بظهر الكوفة. وكَانَ يوم مات ابن ثلاث وسبعين سنة. انظر: " الطبقات الكبرى لإبن سعد" (٣/ ١٢١) " معرفة الصحابة " (ص: ٤٨٥) " أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير " (١/ ٥٩١).
(٧) أخرجه مسلم فِي "صحيحه" (ص ٢٤٦) فِي كتاب "المساجد"، باب "استحباب تقديم الظهر فِي أوَّل الوقت فِي غير شدة" حديث رقم (٦١٩).
(٨) (تأويله)، ساقطة من (ب).