للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا العبد إذا كان [عدلاً] (١) فرد الشَّهادة لا لتهمة الكذب؛ بل لكونه غير أهل الشَّهادة، فلم يكن مكذباً من جهة، وفي الكافر إنْ كان لتهمة الكذب؛ ولكن فيه لعدم الأهلية أيضاً؛ لأنَّه لا ولاية له على المسلم، فأحيل بالردِّ على عدم الأهليَّة لا على تهمة الكذب، وكذلك في الصَّبي. إلى هذا أشار/ في الذَّخيرة (٢).

«ولا شهادة المولى لعبده» (٣)، وكذلك لمكاتبه ومدبره، وأمٍّ ولده.

[في شهادة المولى لعبده]

«لأن شهادته لملكه كشهادته لنفسه باعتبار قيام الملك أو ألحق له في المشهود به، وكذلك شهادة أبو المولى وابنه وامرأته لهؤلاء.

وكذلك شهادة المرأة لزوجها المملوك؛ لأن وصلة الزَّوجية كوصلة الولاد في المنع من قبول الشَّهادة». كذا في المبسوط (٤).

«لأنَّ الحال موقوف مُراعى» (٥)، أي: لأنَّ حال العبد موقوفة بين أن يصير للغرماء بسبب بيعهم في دينهم، أو يبقى للمولى كما كان بسبب قضائه دينه لما قلنا، وهو شهادته لنفسه من كل وجه، أو من وجه، لأنَّه شهادة لنفسه من وجه لاشتراكهما، لأنَّه يصير شاهداً لنفسه في البعض.

وشهادة الإنسان لنفسه لا تقبل، وإذا لم تقبل شهادته لنفسه في نصيبه لا تقبل في شريكه أيضاً في نصيب شريكه (٦).

لأن هذه شهادة واحدة، فإذا بطل بعضها بطل كلها، ولو شهد بما ليس في شركتهما تقبل.

وهذا التَّعميم في التفصيل في حق الشريكين شركة عيان ظاهر، وأمَّا شهادة أحد المتفاوضين لصاحبه لا تقبل إلا في الحدود والقصاص والنكاح؛ لأنَّ ما عدا الحدود والقصاص والنكاح مشترك بينهما، [فكان] (٧) شهادة لنفسه من وجه.

وشهادة الأجير المشترك مقبولة، وشهادة الأجير الوحد لأستاذه لا تقبل استحساناً، سواء كان أجير مياومة، أو مشاهرة، أو مسانهة. وقد ذكرناه هذا كله من الذَّخيرة (٨).

[في رد شهادة المخنث]

«ولا تقبل شهادة مُخَنَّث» (٩)، فتركيب الخنث يدل على لين وتكسر، ومنه المخنث، وتخنث في كلامه. ذكره في المغرب (١٠).

والمخنث في عرف النَّاس هو الذي يباشر الرديء من الأفعال، أي: أفعال النِّساء من التزين بزينتهن، والتشبه بهن في الفعل والقول، مثل كونه محل اللواطة، والقول مثل تليين كلامه باختياره تشبها بالنِّساء.


(١) في «ج»: [عدا].
(٢) المحيط البرهاني (٨/ ٣٢٦).
(٣) الهداية (٣/ ١٢٢).
(٤) المبسوط (١٦/ ١٣٦).
(٥) الهداية (٣/ ١٢٢).
(٦) قال في الهداية (٣/ ١٢٢): «ولا شهادة الشَّريك لشَريكه فيما هو من شركتهما».
(٧) في «ج»: [وكان].
(٨) المحيط البرهاني (٨/ ٣١٨).
(٩) الهداية (٣/ ١٢٢).
(١٠) المغرب (١/ ١٥٤).