للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[سبب عدم جواز الصيد بالأسد والذئب]]

أَمَّا عَدَمُ جَوَازِ الاصْطِيَادِ بِالأَسَدِ وَالذِّئْبِ؛ فَلِعَدَمِ تَصَوُّرِ تَعْلِيْمِهَا؛ لِأَنَّ مِنْ عَادَتِهِمَا أَنْ [يُمْسِكَا] (١) صَيْدَهُمَا فَلَا يَأْكُلَانِهِ فِي الحَالِ، وَإِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى [التَّعْلِيْمِ] (٢) بِتَرْكِ الأَكْلِ، وَلَوْ تُصُوِّرَ [التَّعَلُّمُ] (٣) مِنْهُمَا جَازَ، وَأَمَّا الخِنْزِيْرُ فَلَا يَجُوْزُ الاصْطِيَادُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ نَجِسُ العَيْنِ، فُكَانَ الانْتِفَاعُ بِهِ مُحَرَّمَاً، كَذَا فِي "الإِيْضَاحِ" (٤).

وَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ: (وَلَا خَيْرَ فِيْمَا سِوَى ذَلِكَ) أَيْ: فِيْمَا سِوَى مَا عَدَدْنَاهُ مِنَ الكَلْبِ وَغَيْرِهِ، فَكَانَ الخِنْزِيْرُ وَنَظِيْرَاهُ مِنْ قَبِيْلِ مَا سِوَى ذَلِكَ (٥).

وَأَمَّا فِي حَقِّ الصِّفَةِ: فَإِنَّ الاصْطِيَادَ بِهَذِهِ الأَشْيَاءِ إِنَّمَا يَجُوْزُ أَنْ لَوْ كَانَتْ مُعَلَّمَةً، فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ: (وَلَا خَيْرَ فِيْمَا سِوَى ذَلِكَ) أَيْ: فِيْمَا سِوَى الْمُعَلَّمَةِ مِنْ هَذِهِ الأَشْيَاءِ (٦).

({وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ} (٧) (٨) عَطْفٌ عَلَى الطَّيِّبَاتِ؛ أَيْ: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَصَيْدُ مَا عَلَّمْتُمْ، [فَحَذَفَ] (٩) الْمُضَافَ، أَوَ تُجْعَلَ مَا: شَرْطِيَّةٌ، وَجَوَابُهَا: فَكُلُوا (١٠).

(والجَوَارَحُ: الكَوَاسِبُ) (١١) مِنْ سِبَاعِ البَهَائِمِ وَالطَّيْرِ، كَالكَلْبِ وَالفَهْدِ وَالنَّمِرِ (١٢) وَالعُقَابِ (١٣) وَالصَّقْرِ (١٤) وَالبَازِيِّ وَالشَّاهِيْنِ (١٥)، [والْمُكَلِّبُ] (١٦): مُؤَدِّبُ الجَوَارِحِ [وَرَائِضُهَا (١٧) لِيَصِيْدَ] (١٨) لِصَاحِبِهَا [بَطَرِيْقِ] (١٩) التَّأْدِيْبِ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الكَلْبِ؛ لِأَنَّ التَّأْدِيْبَ أَكْثَرَ مَا يَكُوْنُ فِي الكِلَابِ فَاشْتُقَّ مِنْ لَفْظِهِ لِكَثْرَتِهِ فِي جِنْسِهِ، وَانْتِصَابُ {مُكَلِّبِينَ} عَلَى الحَالِ مِنْ {عَلَّمْتُم} (٢٠).


(١) في (أ): (تُمْسِكَا).
(٢) في (ب): (التَّعَلُّمِ).
(٣) في (ب): (التَّعْلِيمُ).
(٤) يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ٥٨)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٥١)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤١٠).
(٥) يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٥١)، الاختيار لتعليل المختار (٥/ ٤)، تكملة فتح القدير (١٠/ ١١٣).
(٦) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٢/ ٤١٠)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٢٥١)، الاختيار لتعليل المختار (٥/ ٤).
(٧) سورة المائدة الآية (٤).
(٨) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٣٩).
(٩) في (ب): (بِحَذْفِ).
(١٠) يُنْظَر: الكشاف للزمخشري (١/ ٦٠٦)، مدارك التنزيل للنسفي (١/ ٤٢٧).
(١١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٣٩).
(١٢) النَّمِر: مِن السِّبَاعِ، مِن فَصِيْلَةِ السَّنُّوْرِيَّات، يُعْرَفُ بِشَرَاسَتِهِ، فَهُوَ أَخْبَثُ وَأَجْرَأُ مِنْ الْأَسَدِ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (٢/ ٦٢٥)، لسان العرب (٥/ ٢٣٥ - ٢٣٦).
(١٣) الْعُقَاب: مِنْ جَوَارِح وَكَوَاسِرِ الطُّيُوْر. شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (٧/ ٤٦٥٧)، لسان العرب (١/ ٦٢١).
(١٤) الصَّقْرِ: مِن جَوَارِحِ الطُّيُوْرِ الَّتِي يُصَادُ بِهَا، وَقِيْلَ: يَقَعُ الصَّقْرُ عَلَى كُلِّ صَائِدٍ مِنْ الْبُزَاةِ وَالشَّوَاهِينِ، مَا خلا النِّسْر وَالْعُقَاب، وصَقْرٌ صاقِرٌ: حديدُ البَصَرِ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (١/ ٣٤٤)، القاموس المحيط (١/ ٤٢٦)، الكليات للكفوي (١/ ٥٤٣).
(١٥) الشَّاهِيْنِ: نَوْعٌ مِن أَنْوَاعِ الصُّقُوْر، وَهُوَ مُعَرَّبٌ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (١/ ٣٢٦)، القاموس المحيط (١/ ٤٢٦)، لسان العرب (١٣/ ٢٤٣).
(١٦) في (أ): (والكلب).
(١٧) رَائِضُهَا: الرَّائِضُ: مِنْ راضَ الدَّابَّةَ، إذا: ذَلَّلَهَا. يُنْظَر: القاموس المحيط (١/ ٦٤٤).
(١٨) في (ب): (ورابضها لصيد).
(١٩) في (أ): (بطرق).
(٢٠) يُنْظَر: الكشَّاف للزمخشري (١/ ٦٠٦)، مدارك التنزيل للنسفي (١/ ٤٢٧ - ٤٢٨).