للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: يشكل هذا بما إذا باع الرجلان عبداً بألف درهم من رجل، ثم اشترى أحدهما الكل بخمسمائة قبل نقد الثمن، فإنه يجوز في نصيب الشريك، ولا يجوز في نصيب الذي اشتراه، وليس له الخيار مع تفرق الصفقة، علم بهذا أن تفرق الصفقة لا يوجب الخيار.

قلنا: إنما كان هناك هكذا لأنه لم يجز ذلك الشراء في نصيب نفسه؛ لأن بالجواز يلزم شراء ما باع بأقل مما (١) باع قبل نقد الثمن، وذلك لا يجوز عندنا، وكان ذلك الشراء واقعاً في نصيب الشريك بالحصة، كما لو اشترى القنّ (٢) مع المدبر (٣) بثمن معلوم يصح الشراء على القن بحصته ولا خيار فيه.

فإن قيل: ينبغي أن لا يخير المشتري على

(قول أبي حنيفة -رحمه الله-: في قفيز واحد)

[لأنه كان يعلم انصراف البيع إلى قفيز واحد] (٤)، كما لو اشترى قنًّا مع المدبر حيث لا خيار له في القن؛ لعلمه أن البيع منصرف إليه، وذلك

(لأن تفريق الصفقة) إنما يلزم أن لو كان إيجاب البيع والشراء واقعاً على الكل، ثم هو يقبل البعض، وليس ههنا كذلك على قول أبي حنيفة -رحمه الله-.

[[تفرق الصفقة لا يوجب الخيار]]

قلنا: "إن انصراف البيع إلى قفيز واحد مجتهد فيه، والعوام لا علم لهم بأحكام المسائل المجتهد فيها، فيلزم تفريق الصفقة على قولهما، وإن لم يلزم على قول أبي حنيفة رحمه الله-". كذا في الفوائد الظهيرية وغيرها (٥).


(١) "ما " في (ب).
(٢) القن: بالضم-: الجبل الصغير، - وبالكسر-: العبد المملوك أبواه، ويساوى فيه الجمع والواحد، وقد يجمع على أقنان وأقنة، وقيل: هو العبد الخالص العبودية: أي: المملوك هو وأبواه. الصحاح (٦/ ٢١٨٤)، المعجم الوسيط (٢/ ٧٦٣).
وفي اصطلاح الفقهاء: القن: العبد الكامل في العبودية بأن لا يكون مكاتباً ولا مدبراً، عبد مملوك هو وأبوه. قال الأصمعي: "القنّ الذي كان أبوه مملوكاً لمواليه، فإذا لم يكن كذلك فهو عبدٌ مملَّك" قال السيد: "هو العبد الذي لا يجوز بيعه ولا شراؤه". التعريفات الفقهية (ص: ١٧٧)، دستور العلماء (٣/ ٦٧).
(٣) والمدبر من العبيد والإماء مأخوذ من الدبر؛ لأن السيد أعتقه بعد مماته، والممات دبر الحياة فقيل: مدبر، والفقهاء المتقدمون يقولون: المعتق من دبر، أي: بعد الموت. غريب الحديث لابن قتيبة (١/ ٢٢٤ - ٢٢٥).
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٥) العناية شرح الهداية (٦/ ٢٦٩)، البحر الرائق شرح كنْز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٥/ ٣٠٨).