للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الفقيه أبو الليث - رحمه الله -: الجواب في الوكالة كذلك، أما في الإذن يجب أن يصير العبد مأذوناً في قول علمائنا؛ لأنَّ العبد بسكوت المولى يكون مأذوناً، وهذا فوق السُّكوت». كذا في الذخيرة (١).

«وذكر الإمام المحبوبي لو قال: أنت وكيلي في كل شيءٍ، كان وكيلاً بالحفظ (٢).

إلا إذا زاد فقال: أنت وكيلي في كل شيء جائز صنعك، فعند محمد - رحمه الله - يصير وكيلًا في البياعات، والإيجارات، والهبات، والطلاق، والعتاق، وعند أبي حنيفة - رحمه الله - (٣) وكيل في المعاوضات (٤) دون غيرها» (٥).

وقد قال بعض مشايخنا: إذا قال لامرأته: [تو وكيل مني مرخه خواهي كن]، فقالت: طلقت نفسي لا يقع الطلاق عليها إذا لم يرد الزوج الطلاق، ولم يكن في حال مذاكرة الطلاق.

[شرط الوكالة وصفتها وحكمها]

وأما شرطها فهو ما ذكر في الكتاب في قوله: «ومن شرط الوكالة أن يكون الموكل يملك التصرف، ويلزمه الإحكام … » (٦) إلى آخره على ما يجيء مشروحًا بأتمِّ مما ذكر فيه.

وأما صفتها؛ فإنَّها من العقود الجائزة غير اللازمة حتى مَلَك كل واحد من الموكل، والوكيل العزل بدون رضا صاحبه (٧)، على ما يجيء مشروحاً.

وأما حكمها فجواز مباشرة الوكيل فيما فوض إليه، وثبوت حكم مباشرته للموكِّل (٨).

قوله - رحمه الله - «كل عقد جاز أن يعقده الإنسان بنفسه جاز أن يوكل به غيره» (٩).

ولا يرد على هذا صحة توكيل المسلمُ الذميَّ بشراء الخمر وبيعها؛ لأن ذلك عكس وليس بطرد، فلا يرد نقضًا بأنه لم يقل كل عقد لم يجز له أن يعقده بنفسه لا يجوز أن يوكل به [غيره] (١٠)، وإنما يجيء ذلك بعد هذا بأوراق في قوله: «ومن شرط الوكالة أن يكون الموكِّل ممن يملك التصرف» (١١).


(١) فتح القدير لابن الهمام (٧/ ٥٠٠).
(٢) فتح القدير (٥/ ٧٠٠)، المحيط البرهاني (٦/ ١٢)، تبيين الحقائق (٤/ ٢٥٤).
(٣) في «س»: -رضي الله عنه-.
(٤) المعاوضات: لغة: جمع معاوضة، من العوض، أو البدل الذي يبذل في مقابلة غيره. واعتاض منه وتعوض منه: أخذ العوض. ينظر: القاموس المحيط (١/ ٨٣٦)، المصباح المنير (٢/ ٥٢٣).
واصطلاحاً: المبادلة بين عوضين. ينظر: معجم المصطلحات المالية والاقتصادية (١/ ٤٢٧)، معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية (٣/ ٣١١).
(٥) فتح القدير (٧/ ٥٠٠)، تبيين الحقائق (٣/ ٣٥٩).
(٦) قال في الهداية: (وتلزمه الأحكام) (٣/ ١٣٧).
(٧) ينظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٥٠٠)، البناية شرح الهداية (٩/ ٢١٦).
(٨) ينظر: فتح القدير لابن الهمام (٧/ ٥٠١).
(٩) الهداية (٣/ ١٣٦).
(١٠) سقط من: «س».
(١١) الهداية (٣/ ١٣٧).