للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[في اختلاف الأمر والمأمور في بيع العبد وإنكار الأمر بالبيع]

«فإن فلاناً يأخذه … » (١)، أي: لذلك الفلان ولاية الأخذ من المشتري إن ادعى الآمر إياه بالشراء؛ لأنَّ قوله السابق: «إقرار منه بالوكالة عنه فلا ينفعه الإنكار اللاحق» (٢).

فإن قيل قوله: «بعني هذا العبد لفلان». يحتمل أن يكون معناه لشفاعة فلان كما قال محمد - رحمه الله - في كتاب الشفعة: ولو أن أجنبياً طلب من الشفيع تسليم شفعة هذه الدار، فقال الشفيع سلمتها [لك بطلت] (٣) الشفعة استحساناً كأنه قال: سلمت هذه الشفعة لأجلك قلنا: اللام للتمليك، ولهذا لو قال الشفيع ذلك غير مسبوق بسؤال التسليم لا يصح التسليم (٤).

ويتضح ما قلنا بما قدمنا ذكره في كتاب الأيمان إذا قال: «إن بعت ثوباً لك»؛ وإنما حمل على الإسقاط فيما ذكر لكونه مسبوقاً بسؤال الإسقاط وما نحن فيه ليس كذلك. كذا في الفوائد الظهيرية في كتاب البيوع منها.

«إلا أن يسلمه المشتري له … » (٥)، هذا رُوِي بروايتين -بكسر الراء- على صيغة اسم الفاعل، -وبفتح الراء- بصيغة اسم المفعول فعلى الكسر يكون المشتري فاعلاً.

وقوله: «[له] (٦)»؛ أي: لأجله، ويكون المفعول الثاني محذوفاً (٧).

«وهو إليه»، أي إلا أنْ يسلم الفضولي العبد الذي اشتراه لأجل فلان إليه، وعلى الفتح يكون المشتري له مفعولاً ثانياً بدون حرف الجر، وهو فلان، والفاعل مضمر؛ أي: إلا أنْ يسلم الفضولي العبد إلى المشترى له، وهو فلان، وهذا الاستثناء من قوله: «لم يكن له»؛ أي: لم يكن لفلان إلا في صورة التَّسليم إليه، وإنَّما ذكر صورة التسليم إليه؛ لأن فلاناً لو قال: أجزت بعد قوله: لم آمره به لم يعتبر ذلك؛ بل يكون العبد للمشتري.

كذا ذكره الإمام شمس الأئمة السرخسي- رحمه الله - في [شرح] الجامع الصغير، ثم قال: لأنَّ الإجازة تلحق الموقوف دون الجائز، وهذا عقد جائز نافذ على المشتري (٨).


(١) تمام المسألة في الهداية (٣/ ١٤٢): «ومن قال لآخر بعني هذا العبد لفلان فباعه، ثم أنكر أنْ يكون فلان أمره، ثم جاء فلان وقال: أنا أمرته بذلك، فإن فلاناً يأخذه … ».
(٢) الهداية (٣/ ١٤٢).
(٣) في «س»: [لكن تطلق].
(٤) ينظر: فتح القدير (٨/ ٥٥)، البحر الرائق (٧/ ١٦٢).
(٥) قال في الهداية (٣/ ١٤٢): «فإن قال فلان: لم آمره، لم يكن له؛ لأن الإقرار يرتد برده، إلا أن يسلمه المشترى له فيكون بيعاً عنه وعليه العهدة … ».
(٦) سقط من «ج».
(٧) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ٢٥٣)، فتح القدير (٨/ ٥٥).
(٨) ينظر: فتح القدير (٨/ ٥٥)، البحر الرائق (٧/ ١٦٢).