للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السُّنة في القراءة في صلاة الظهر]

وَفِي الظُّهْرِ يَقْرَأُ بِنَحْوٍ مِنْ ذَلِكَ أَوْ دُونِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ قَدْ رَوَى إِمَّا يَقْرَأُ نَحْواً مِنْ ذَلِكَ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ {ألم تَنْزِيلُ} السَّجْدَةَ» حَتَّى رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَنَهُ قَالَ: «سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -عليه السلام- فِي الظُّهْرِ فَظَنَّنَا أَنَّهُ قَرَأَ {ألم تَنْزِيلُ} السَّجْدَةَ» (١) وَقَدْ رَوَيْنَا أَنَّهُ «كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ {ألم تَنْزِيلُ} السَّجْدَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}» فَدَلَّ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الظُّهْرِ مِثْلَ مَا يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، وامَّا دُونَهُ؛ فَإِنَّهُ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: «أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً» (٢) وَهُوَ نَحْوَ سُورَةِ الْمُلْكِ كَذَا فِي … " الْمَبْسُوطَيْنِ " (٣).

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (ويقرأ فِيهِمَا بِأَوْسَاطِ الْمُفَصَّلِ) رَوَى جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ (٤): «أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، مِنَ الْعَصْرِ [وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ]، [وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ]» (٥). وَرُوِيَ: «أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: قَرَأَ فِي صَلَاةِ المغرب بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَفِي الْعِشَاءِ يَقْرَأُ بِمِثْلِ مَا يَقْرَأُ فِي الْعَصْرِ» لِحَدِيثِ (٦) مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رضي الله عنه- أَنَّ قَوْمَهُ شَكُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَطْوِيلَ قِرَاءَتِهِ فِي الْعِشَاءِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا» (٧).


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٩/ ٣٩٠: ٢٩١)، حديث (٥٥٥٦)، وأخرجه أبو داود في "سننه" (ص ١٠٧)، كتاب الصلاة، باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر، حديث (٨٠٧) كلهم عن ابن عمر -رضي الله عنه-.
والحديث ضعيف، فأما رواية أحمد؛ فعلَّتها الانقطاع كما ذكر الأرناؤوط في هامش المسند، وأما رواية أبي داود فعلتها جهالة (أمية)، حيث قال ابن القطان في"بيان الوهم والإيهام" (٥/ ٣٢): (وليس ينبغي أن يظن بهذا الحديث الصحة على ما به من الجهل بحال أمية راوية، ولا أعلم أحداً ممن صنف في الرجال ذكره … ).
(٢) أخرجه مسلم في "صحيحه" (ص ١٩١)، كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، حديث (٤٥٢)، عن أبي سعيد الخدري، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين، في كل ركعة قدر ثلاثين آية، وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية أو قال نصف ذلك.
(٣) "المبسوط" للسرخسي (١/ ١٦٣).
(٤) في (ب): (سمعة).
(٥) أخرجه أبو داود في"سننه" (ص ١٠٧)، كتاب الصلاة، باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر، حديث (٨٠٥)، وأخرجه الترمذي في"سننه" (١/ ٤٠٠)، أبواب الصلاة، باب ما جاء في القراءة في الظهر والعصر، حديث (٣٠٧)، وأخرجه النسائي في"سننه" (٢/ ٥٠٦)، كتاب الصلاة، القراءة في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر، حديث (٩٧٨). وقال الترمذي: (حديث حسن)، وقال ابن حجر العسقلاني في"نتائج الأفكار" (١/ ٤٣٩): (هذا حديث صحيح).
(٦) في (ب): (بحديث).
(٧) أخرجه البخاري في "صحيحه" (١/ ٢٢٠)، كتاب الأذان، باب من شكا إمامه إذا طول، حديث (٦٨٧)، وأخرجه مسلم في"صحيحه" (ص ١٩٤)، كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، حديث (٤٦٥).