للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الافافي إذا اعتمر في أشهر الحج وأقام بمكة]

وذكر الإمام المحبوبي في «الجامع الصغير» (١): أن هذا المكي الذي خرج إلى الكوفة وقرن، إنما يصح قرانه إذا خرج من الميقات قبل دخول أشهر الحجّ وأما إذا دخل أشهر الحجّ، وهو بمكة، ثُمَّ قدم الكوفة، ثُمَّ عاد، وأحرم بهما من الميقات لم يكن قارنًا؛ لأنه لما دخل أشهر الحجّ، وهو بمكة صار ممنوعًا من القران شرعًا، فلا يتغير ذلك بخروجه من الميقات، فأما إذا دخل أشهر الحجّ، وهو بالكوفة فهو غير ممنوع من القران؛ لأنه في هذه الحالة بمنزلة الكوفي هكذا روي عن محمد -رحمه الله- (٢).

(بطل تمتعه) (٣).

[مسألة لو عاد المتمتع إلى بلده]

بالإجماع بين أصحابنا، وفي أحد قولي الشافعي (٤) يكون متمتعًا، ويقول: "لا أعرف الإلمام ماذا يكون" وهو بناء على أصله في أن المكي له المتعة، والقران، واعتمادنا فيه على حديث ابن عباس، فإنه قال مثل مذهبنا، والمعنى في أنه أنشأ لكل نسك سفرًا من أهله، والمتمتع من يترفق بأداء النسكين في سفر واحد.

(لأنه أداهما بسفرتين).

لأنه ألّم بأهله بين النسكين، وهو إلمام صحيح، فإن العود غير مستحق عليه حتى لو بعث/ هدية لتنحر عنه، ولم يحج كان جائزًا، وهو بمنزلة المكي الذي اعتمر من الكوفة، وساق الهدي لمتعته، وهناك لا يكون متمتعًا فكذلك هاهنا، وهما يقولان: إلمامه غير صحيح بأهله؛ لأنه محرم على حاله ما لم ينحر عنه الهدي (٥)، فكان العود مستحقًّا عليه، وذلك يمنع صحة إلمامه بأهله كالقارن إذا أتى بعمل العمرة، ثُمَّ رجع إلى أهله، ثُمَّ عاد فحج كان قارنًا، ولم يصح إلمامه بأهله محرمًا فكذا هذا، وهذا بخلاف من لا هدي معه، فقد حل هناك من إحرام العمرة، فإنما ألّم بأهله حلالًا فكان إلمامه صحيحًا كذا في «المبسوط» (٦).

(ومن أحرم بعمرة قبل أشهر الحجّ) (٧).

هاهنا مذاهب ثلاثة، فعندنا تقديم الإحرام على أشهر الحجّ غير مانع لصحة التمتع بعد أن أتى بأفعال العمرة أو بأكثرها في أشهر الحجّ، وعند مالك (٨) تقديم أفعال العمرة على أشهر الحجّ أيضًا لا يمنع صحة التمتع بعد أن كان التحلل من إحرام العمرة في أشهر الحجّ.


(١) انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق (٢/ ٣٩٤).
(٢) انظر مثلاً: الجامع الصغير (ص/ ١٤٨)، المبسوط (٤/ ٣١)، البدائع (٢/ ١٧١)، الكفاية (٢/ ٤٣٥)، تبيين الحقائق (٢/ ٥٠)، المحيط البرهاني (٣/ ٤٦١)، البحر العميق (١/ ٧٧١ - ٧٧٥).
(٣) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٩).
(٤) انظر "المجموع" للنووي (٧/ ١٦٩)، و"مغني المحتاج" للخطيب (٢/ ٢٩٠).
(٥) في (ب): الدم.
(٦) انظر: المبسوط (٤/ ١٨٥).
(٧) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٩).
(٨) انظر: الطرابلسي في "مواهب الجليل" (٣/ ٥٦).