للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرْخَسِيُّ -رحمه الله- فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: مَذْهَبُنَا قَوْلِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنه- وَالْمَصِيرُ إِلَى مَا قُلْنَا أَوْلَى لِأَنَّ فِيهِ إِثْبَاتَ الزِّيَادَةِ، وَتَأْوِيلُ حَدِيثِهِمْ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْعُذْرِ فِي زَمَانِ الْبَرْدِ حِينَ كَانَ أَيْدِيهِمْ تَحْتَ ثِيَابِهِمْ وَكَانَ طاووس (١) -رحمه الله- يَقُولُ: يَرْفَعُ يَدَيْهِ فَوْقَ رَأْسِهِ وَلَا يَأْخُذُ بِهَذَا كَذَا فِي " الْمَبْسُوطِ " (٢)

[المرأةُ ترفعُ يديها حِذاء منكبيها]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَالْمَرْأَةُ تَرْفَعُ (٣) حِذَاءَ مَنْكِبَيْهَا) (وَهُوَ الصَّحِيحُ)

هَذَا احْتِرَازٌ عَنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- (٤) أَنَّهَا تَرْفَعُ يَدَيْهَا حِذَاءَ أُذُنِهَا كَالرَّجُلِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَفْعَالِ، فَإِنَّهَا تَفْعَلُ فِي سَائِرِ الْأَفْعَالِ عَلَى أَسْتَرِ مَا يَكُونُ لَهَا (٥)، أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يَفْتَحُ إِبِطَيْهِ عِنْدَ السُّجُودِ، وَالْمَرْأَةُ تَضُمُّ، وَإِنَّمَا يُسَوَّى (٦) حَالُ الْمَرْأَةِ هُنَا بِحَالِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ إِنَّمَا يَكُونُ بِكَفَّيْهَا، وَكَفُّهَا لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ، فَكَانَتْ هِيَ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ وَالرَّجُلُ سَوَاءً بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ (٧): تَرْفَعُ يَدَيْهَا حِذْوَ مِنْكَبَيْهَا.


(١) هو: طاووس بن كيسان اليماني الهمداني، كنيته: أبو عبدالرحمن، أمه من أبناء فارس، وأبوه من النمر بن قاسط مولى بحير الحميري، يروى عن ابن عمر وابن عباس، كان من عباد أهل اليمن ومن فقهائهم ومن سادات التابعين، مات بمكة سنة ١٠١ هـ وكان طاووس قد حج أربعين حجة، وكان مستجاب الدعوة فيما قيل. يُنْظَر: ثقات ابن حبان (٤/ ٣٩١)، التاريخ الكبير للبخاري (٤/ ٣٦٥)، والجرح والتعديل (٤/ ٥٠٠).
(٢) "المبسوط" للسرخسي (١/ ١١ - ١٢).
(٣) في المطبوع (وَالْمَرْأَةُ تَرْفَعُ يَدَيْهَا حِذَاءَ مَنْكِبَيْهَا) انظر: " الْعِنَايَة شرح الهداية للبابرتي " (١/ ٢٨٣).
(٤) ينظر: "تحفة الفقهاء" للسمرقندي " (١/ ١٢٦).
(٥) في (ب): (بها).
(٦) في (ب): (يستوي).
(٧) انظر " بدائع الصنائع للكاساني " (١/ ١٩٩)