للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من شروط الوكالة أن يكون الموكل ممن يملك التصرف]

«ومن شرط الوكالة أن يكون الموكل ممن يملك التصرف» (١)[أي ممن يملك ذلك التصرف] (٢) الذي وكل الوكيل به، وقد ذكرنا في أوائل كتاب الوكالة من رواية الذخيرة، أنَّ هذا القيد وقع على قول أبي يوسف، ومحمد [رحمهما الله] (٣).

«وأما على قول أبي حنيفة - رحمه الله - فمن شرط الوكالة كون التَّوكيل حاصلا ًبما يملكه الوكيل؛ فأمَّا كون الموكل مالكاً لذلك التصرف الذي وكَّل الوكيل به فليس بشرط.

فإن قلت يشكُل على ما ذكره في الكتاب ما ذكره في الذخيرة بقوله: وإذا قال الرجل لغيره خذ عبدي هذا [وبعه] (٤) بعبد، أوقال اشتري لي به عبداً؛ صح التَّوكيل بهذا، وإن لم تصح مباشرة الموكل في مثل هذا التصرف فإنَّ من قال لغيره: بعتك هذا العبد بعبد، أو قال: اشتريت منك هذا العبد عبداً لا يجوز.

قلت: إنما جاز ذلك في التوكيل، ولم يجز في مباشرة نفسه لوجود المعنى الفارق بينهما هو أن الجهالة إنما تمنع عن الجواز لإفضائها إلى المنازعة.

وأمَّا إذا لم [تؤد] (٥) إليها، فلا تمنع كما في بيع قفيز من صُبرة طعام، أو شرائه.

ثم جهالة الوصف في التَّوكيل لا يُفضِي إلى المنازعة؛ لأنَّ التَّوكيل ليس بأمر لازم، ولا كذلك المباشرة؛ لأنها لازمة فتفضي إلى المنازعة، فالمانع من الصحة المنازعة لا نفس الجهالة» (٦).

ثم إذا صح التَّوكيل [ينظر] (٧) بعد ذلك إن كان قد وكَّله بالشراء، فاشترى بغير عينه، لا يجوز كما لو اشترى الموكل بنفسه، وإن اشترى عبداً بعينه إن كان قيمة العبد المشترى مثل قيمة هذا العبد، أو أقل مقدار ما يتغابن الناس فيه يجوز، وإن كان مقدار لا يتغابن الناس فيه لا يجوز، وكذلك في جانب الوكالة بالبيع. كذا ذكره في الفصل العاشر من وكالة الذخيرة.

وقوله: «وتلزمه الأحكام» (٨) قيل: هذا احتراز عن الوكيل؛ فإنَّ الوكيل مما لا يثبت له حكم تصرفه، وهو الملك؛ فإن الوكيل بالشراء لا يملك المشترى، والوكيل بالبيع لا يملك الثمن؛ فلذلك لا يصح [توكيل] (٩) غيره.


(١) الهداية (٣/ ١٣٧).
(٢) مكرر في «ج».
(٣) سقط من «س».
(٤) في «ج»: [أو بعه].
(٥) في «ج»: [ترد].
(٦) ينظر: فتح القدير (٨/ ١١).
(٧) في «ج»: [ننظر].
(٨) تمام المسألة في الهداية (٣/ ١٣٧): «ومن شرط الوكالة أنْ يكون الموكل ممن يملك التصرف وتلزمه الأحكام».
(٩) في «س»: [توكيل الوكيل].