للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استيفاء الدَّيْن من ثَمَن الخَمْر، أو أيِّ كَسْبٍ مُحَرَّمٍ]

(بخلاف ما تقدم) (١) أراد به قوله: (لو قالت جارية: كنت أَمَةً لفلان، فأعتقني) (٢)، أو قالت امرأة (لرجل: طلقني زوجي وانقضت عدتي فلا بأس بأن يتزوّجها) (٣)؛ (لأنّ القاطع طارئ) (٤) (٥).

(فإنه يكره لصاحب الدَّيْن أن يأخذ منه) (٦) (٧)، وعن محمّد/ قال: هذا إذا كان القضاء والاقتضاء بالتّراضي، فإن كان بقضاء القاضي بأن كان القاضي قضى عليه بهذا الثمن ولم يعلم القاضي بكونه ثمن الخمر يطيب له ذلك بقضائه، ثم إنما حرم عند الاقتضاء بالتّراضي؛ لقوله -عليه السلام-: «إِنَّ الَّذِيْ حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ أَكْلَ ثَمَنِهَا» (٨)، وقال -عليه السلام-: «لَعَنَ اللهُ فِيْ الْخَمْرِ عَشْرًا» (٩)، وذَكَر من العَشْر آكِلُ ثمنها؛ وهذا لأنّ العقد على الخمر غير منعقد في حق المسلمين والثمن المقبوض مستحق الرد على البائع شرعًا، [فكان] (١٠) كالمغصوب في يده، ومن قضى دينه بالدّراهم المغصوبة لا يحلّ للقابض أن يقبضه إذا علم به (١١).


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٠١).
(٢) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٣) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٤) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٥) يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (٣/ ٣٢٥)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٢٦)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٢٠٨).
(٦) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢٣ - ٢٢٤).
(٧) يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص ٤٨٠)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ١٢٦).
(٨) أخرجه مسلم في صحيحه (٣/ ١٢٠٦) كتاب (المساقاة) باب (تحريم بيع الخمر) برقم (١٥٧٩) قال: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ -رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ- أَنَّهُ جَاءَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، ح وحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، وَاللَّفْظُ لَهُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَغَيْرُهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ السَّبَإِيِّ، مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، عَمَّا يُعْصَرُ مِنَ الْعِنَبِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَجُلًا أَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا؟» قَالَ: لَا، فَسَارَّ إِنْسَانًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «بِمَ سَارَرْتَهُ؟»، فَقَالَ: أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهَا، فَقَالَ: «إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا»، قَالَ: فَفَتَحَ الْمَزَادَةَ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهَا. حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مِثْلَهُ.
(٩) أخرج الترمذي في سُنَنِه (٣/ ٥٨١) كتاب (أبواب البيوع) باب (النهي أنْ يُتَّخَذ الخمر خلاًّ) برقم (١٢٩٥) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا، وَالْمُشْتَرِي لَهَا، وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ»، وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-.
- وأخرجه ابن ماجه (٢/ ١١٢٢) برقم (٣٣٨١).
- وصححه الألباني. يُنْظَر: غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام للألباني (ص ٥٤) برقم (٦٠).
(١٠) في (ب): (وكان).
(١١) يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ١٢٨)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ١٢٦)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٢٠٨ - ٢٠٩).