للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الخلاف في نهاية وقت الذبح]]

(وقال الشّافعي (١) /: ثلاثة أيّام بعده) (٢)، أي: بعد يوم النحر؛ أي: يجوز عنده في اليوم الرابع وهو آخر أيّام التّشريق (٣)، وعندنا لا يجوز، فكان وقت الأضحيّة عنده أربعة أيّام وهي جميع أيّام النّحر والتشريق، وهذا ضعيف؛ فإنّ هذه القربة تختص بأيّام النّحر دون أيّام التّشريق، ألا ترى أنّ الأفضل أداؤها في اليوم الأول وهو العاشر من ذي الحجّة وهو يوم النحر [لا] (٤) يوم التشريق، إلى هذا أشار/ في "المبسوط" (٥) (٦).

[حكم الذبح ليلاً]

(ويجوز الذّبح في لياليها، إلا أنه يُكْرَه لاحتمال الغلط في ظلمة الليل) (٧)، أيْ: في ليال أيّام النّحر (٨)، وهاهنا قيد لابدّ من معرفته، وهو: أنّ المراد بليالي أيّام النّحر هاهنا الليلتان المتوسطتّان لا غير، فلا يدخل فيه لا الليلة الأولى وهي ليلة العاشر من ذي الحجّة ولا ليلة الرابع من يوم النّحر، وذلك؛ لأن وقت الأضحية إنّما (يدخل بطلوع الفجر من يوم النّحر)، على ما ذكر في الكتاب (٩)، وهو اليوم العاشر، ويفوت بغروب الشّمس من يوم الثّاني عشر، فلا يجوز حينئذٍ في ليلة النّحر لا محالة، ولا في ليلة التّشريق المحض (١٠)، و {لو} (١١) لم يُذْكَرْ هذا القيد لوقع النّاس في الغلط بالنّظر إلى ظاهر لفظ الكتاب (١٢)، إذ لفظ الجمع وإضافة الليالي إلى أيّام النّحر يفيدان الجواز في ليلة العاشر، والحكم بخلافه، إلى هذا أشار في "الذّخيرة" (١٣).


(١) يُنْظَر: الأم (٣/ ٥٨٨ - ٥٨٩)، التنبيه في الفقه الشافعي (ص ٨١)، الحاوي الكبير للماوردي (١٥/ ١٢٤).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٦٧).
(٣) أَيَّامُ التَّشْرِيْقِ: هِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، وسُمِّيَتْ بِهَذَا؛ لِأَنَّ الْأَضَاحِي تُشّرَّقُ فِيْهَا، أَيْ: تُقَدَّدُ وتُشَرَّرُ فِي الشَّمْسِ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِقَوْلِهِمْ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرَ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ لَا يُنْحَرُ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص ٢٧٤)، مختار الصحاح (ص ١٦٤).
(٤) في (أ): (إلى).
(٥) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٢/ ٩)، تحفة الفقهاء (٣/ ٨٣)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ٦٥).
(٦) أقوال المذاهب في تحديد أيام ذبح الأضحية:
- مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة: ثلاثة أيام، يوم النحر ويومين بعده، فيكون آخر وقت الذبح هو آخر اليومين الأولين من أيام التشريق.
- مذهب الشافعية: أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة أيام بعده، فيكون آخر وقت الذبح هو آخر أيام التشريق. … يُنْظَر: تحفة الفقهاء (٣/ ٨٣)، المبسوط للسرخسي (١٢/ ٩)، المدونة للإمام مالك (١/ ٥٥٠)، الكافي في فقه أهل المدينة (١/ ٤٢٠)، الحاوي الكبير (١٥/ ١٢٤)، التنبيه في الفقه الشافعي (ص ٨١)، المغني لابن قدامة (١٣/ ٣٨٦)، العدة شرح العمدة (ص ٢٩٦ - ٢٩٧).
(٧) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٦٨).
(٨) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٢/ ١٩)، تحفة الفقهاء (٣/ ٨٣)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٥).
(٩) الْكِتَاب: الْمُرادُ به هنا "مختصر القُدُوري". يُنْظَر: مختصر القدوري (ص ٢٠٨).
(١٠) لَيْلَة التَّشْرِيْق الْمَحْض: هِيَ لَيْلَةُ الرَّابِعِ عَشَر، فَيَوْمُ الرَّابِعِ عَشَرَ يَوْمُ تَشْرِيْقٍ فَقَطْ، أَيْ: لَيْسَ يَوْمُ نَحْرٍ وَتَشْرِيْقٍ، إِلَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، على ماسَبَقَ بَيَانُهُ عِنْدَ ذِكْرِ الْخِلافِ في تَحْدِيْدِ أَيَّمِ الذَّبْحِ.
(١١) سقطت من (ب).
(١٢) الْكِتَاب: هو كتاب الهداية شرح البداية، حيث ذكر جواز الذبح في الليالي بقوله: (ويجوز الذّبح في لياليها، إلا أنه يُكْرَه لاحتمال الغلط في ظلمة الليل). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٦٨).
(١٣) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٤٦٣)، العناية شرح الهداية (٩/ ٥١٣)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٢٩).