للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: (لا على وجه البَدل) احتراز عن المقبوض على سوم الشّراء؛ لأنَّ المقبوض على سوم الشّراء قبض لأجل أنْ يدفع الثّمن.

وقوله: (والوثيقة) احتراز عن الرّهن؛ فإنَّ المرهون مقبوض لأجل الوثيقة لا يفيد (١) مقصودهما، وهذا ظاهر.

وفي بعض النُّسخ: "مقصودها"، أضاف المقصود إلى الشّركة لتلبُّسها بمقصود الشّريكين إذ مقصود الشريكين، وهو تثمير مال الشّركة، إنّما يحصل بسبب عقد الشّركة، فكانت الشّركة سببًا لحصول هذا المقصود، فأضيف المسبب إلى سببه.

[[شركة الصنائع]]

(لأنَّ المقصود منه التحصيل) أي: تحصيل الرّبح، يعني: أن تحصيل الرّبح ليس منحصر بالمال، بل قد يكون ذلك بعمل التّوكيل بدون المال، وقد يكون بالمال وفي هذه الشركة لو لم يكن المال فالتّوكيل موجود فيحصل المقصود.

وفي المبسوط: ثم استحقاق الرّبح في طريق الشّركة يكون بالمال تارةً وبالعمل أخرى، بدليل المضارِب؛ فإنَّ ربّ المال يستحقُّ نصيبَه مِن الرّبح بماله، والمضارب بعمله. وذلك العقد شركة الإجارة بدليل أنَّها لا تلزم؛ وأنّه لا يحتاج فيها إلى بيان المدّة، فإذا صحَّ عقد الشّركة بين اثنين بالمال، فكذلك يصحُّ باعتبار العَمل؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يستحقّ به الرّبح، ولا يشترط فيه اتّحاد العمل والمكان، خلافًا لمالك (٢) وزُفَر، فإنّهما يقولان: إنْ اتّفقت الأعمال كالقصَّارين والصبَّاغين إذا اشتركا يجوز، وإنْ اختلفتْ بأنْ اشترك صبَّاغ وقصَّار لا يجوز؛ لأنَّ كلَّ واحد منهما عاجز عن العمل الذي يتقبَّله صاحبه، فإنَّ ذلك ليس مِن صنعه، فلا يتحقّق ما هو مقصود الشّركة عند اختلاف الأعمال. ولكنّا نقول جواز هذه الشّركة باعتبار الوكالة، والتّوكيل بتقبُّل العمل صحيح ممّن يحسِن مباشرة ذلك العمل وممن لا يحسن؛ لأنَّه لا يتعيَّن على المتقبِّل إقامة العمل بيده، بل له أنْ يقيم بأعوانه وأجزائه، وكل واحد منهما غير عاجز عن ذلك، فكان (٣) العقد صحيحًا (٤)؛ كذا في المبسوط، إلا أنَّه لم يُذكَر فيه خلاف مالك.

فإن قلت: كيف يُتصوّر ههنا (٥) قول زُفَرفي جواز الشّركة عند اتّحاد العمل، وقد ذكر قبل (٦): ويجوز الشّركة (٧) وإنْ لم يخلطا المال.


(١) في (ب) "تفيد".
(٢) ينظر الذخيرة للقرافي (٨/ ٣١).
(٣) في (ب) "وكان".
(٤) ينظر المبسوط للسرخسي (١١/ ١٥٥).
(٥) ساقط من (ب).
(٦) في (ب) "قبل هذا".
(٧) ساقط من (ب).