للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأجاب عنه وقال: تعليم الكلب على وجه يمتنع عن الجرح بعد الخروج عن الصيديّة متعذّر، وما تعذّر رفعه تقرّر عفوه (١)، وكذلك في الكلبين (٢).

[أرسل كلبين فوقذ الصيد أحدهما، ثم قَتَلَه الآخَر]

(فوقذه أحدهما ثم قتله الآخر: أُكِل) (٣) هذا إذا أرسلهما معًا (٤)، فأما إذا أرسل رجلٌ كلبه المعلّم على صيد فكسر رجله أو عُقِر (٥) عقراً أخرجه من الصيديّة، ثم أن رجلاً آخر أرسل كلبه على ذلك الصّيد فكسر رجله الأخرى أو عقره عقراً فمات الصّيد من العقرين؛ فنقول: الصّيد للأوّل، ولا يحلّ تناوله، هذا إذا أرسل الثّاني كلبه بعدما أثخن الكلبُ الأوّل (٦).

فلو أنّ الكلب الأوّل جَرَحَه ولكن لم يثخنه حتّى أرسل الثّاني كلبه فأصابه وأثخنه فالصّيد للثّاني، ويحلّ تناوله، ولو كان كلّ واحد من الجرحين بحال لا يخرجه من الصيديّة عند الانفراد ولكن عند الاجتماع خرج من الصيديّة فالصّيد لهما، كذا في "الذّخيرة" (٧).


(١) ما تعذّر رفعه تقرّر عفْوُهُ: من القواعد الفقهية، ولم أجِدها في كتب الأصول أو القواعد الفقهية، وقد أوردها صاحب "العناية" عند هذه المسألة وبنفس اللفظ، وذكر صاحب "البناية" قاعدةً عند هذه المسألة، فقال: (ما تَعَذَّر دفْعُهُ، تَعَذَّر رَفْعُه). يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ١٢٥)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٣٥).
- قُلْتُ: والظاهر أن معناها: أن كل أمرٍ يستحيل على الإنسان دفعُهُ أو رفْعُهُ أو منعُهُ فهو غير مؤاخَذٍ عليه، ومثال ذلك: إزالة ما يبقى من أثَرِ النجاسة الذي لا يُمْكِن إزالته، فهو معفُوٌّ عَنْهُ، وهذه القاعدة الظاهر من لفظها أنها من القواعد المندرجة تحت قاعدة: الدفع أسهل من الرَّفْع، ولها تعَلُّقٌ بالقاعدة الكُبرى: المشقة تجلب التيسير، والله أعلم.
(٢) يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ٥٧)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٥٦)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٥٨٣).
(٣) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢٨).
(٤) يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ٥٧)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٥٦)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٥٨٣).
(٥) عُقِرَ: الْعَقْرُ هُنَا: هُوَ الْجَرْحُ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص ٣٥٢)، مختار الصحاح (ص ٢١٤).
(٦) يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٥٦)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٣٩٧)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٥٨٣).
(٧) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٣٩٧)، الفتاوى الهندية (٥/ ٤٢٥).