للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكَذَلِكَ فِي سجدةِ التلاوةِ، لوْ قرأَها وقتَ الزوالِ، وقضاها وقتَ الغروبِ أوِ الطلوعِ؛ أجزأَهُ (١)، قلتُ: قدْ أجابَ شيخُ الإسلامِ -رحمه الله- فِي " مَبْسُوطِهِ " عَنْ هذا الإشكالِ فقَالَ: إِنَّمَا يضيفُ الوجوبَ إِلَى آخرِ الوقتِ، مادامَ الوقتُ باقياً (ضرورةَ أنْ يكونَ الفعلُ أداءً، وإِنَّمَا تتحققُ هَذِهِ الضرورةُ مادامَ الوقتُ باقيًا) (٢)؛ لأَنَّهُ لوْ لمْ يكنْ كَذَلِكَ، يلزمُ إمَا أنْ يتقدمَ الحكمُ عَلَى السببِ؛ لِأَنَّ بعضَ السببِ ليسَ بِسَبَبٍ، وأما أنْ يتأخرَ الأداءُ بعدَ مضيِّ الوقتِ، فَكَانَ قضاءً لا أداءً؛ فلذلكَ (٣) أضفْنا الوجوبَ إِلَى الجزءِ القائمِ عندَ بقاءِ الوقتِ، وجعلنَا مَا مضَى، كأَنَّهُ ليسَ بِسَبَبِ أصلاً، فأمَا إِذَا وجبَ (٤) الوقتُ، فقدْ زالتِ الضرورةُ، فأضفْنا الوجوبَ إِلَى الجزءِ الَّذِي لا نقصانَ فِيهِ، وإِذَا أضيفَ إِلَى مَا لا نقصانَ فِيهِ؛ كَانَ مَا وجبَ عليهِ كاملاً، فلا يتأدَّى بالناقصِ، فكذلكِ (٥) هاهنا.

[[الشروع في التطوع في الوقت الناقص]]

وأما شروعُ التطوعِ فِي الوقتِ الناقصِ، لم يكنْ له سببٌ كاملٌ قبلَ الشروعِ؛ حَتَّى يضيفَ إِلَى ذلكَ السببَ بعدَ الإفسادِ، فَكَانَ قضاؤُه فِي وقتٍ آخرَ مثلِه، كَانَ قضاء الشيءِ كَمَا وجبَ، فيجوزُ كَمَا لو مضى عليهِ وقتُ الشروعِ، (وهُوَ وقتٌ ناقصٌ، وكَذَلِكَ فِي سجدةِ التلاوةِ؛ فإنها ليستْ نقصًا بلْ هيَ أداءٌ فِي كلِّ وقتٍ) (٦) يؤديهَا؛ لأنَّها ليستْ بمؤقتةٍ، ففي (٧) أَيْ وقتٍ يؤدِّيها؛ كَانَ أداءً فِي مثلِ ذلكَ الوقتِ الَّذِي وُجِدَ سببُها، أو أكملُ منْ ذلكَ الوقتِ؛ فيجوزُ كَمَا لوْ أداها فِي ذلكَ الوقتِ.

وذكرَ فِي "الإيضاحِ": وإِنَّمَا جازَ أداءُ العصرِ؛ لِأَنَّ معنى الكراهةِ يظهرُ (٨) فِي حقِّ القضاءِ لا فِي حقِّ الأداءِ؛ لِأَنَّ الأداءَ ابتداءً يكونُ لحقِّ الوقتِ القائمِ للحالِ، ألا ترَى أَنَّهُ لوْ أدركَ الصبيُّ، أو طهُرتِ الحائضُ، أو أسلمَ الكافرُ فِي هذا الوقتِ؛ لزمهمْ فرضُ الوقتِ، وإِنَّمَا الكراهةُ فِي التأخيرِ إِلَى هذا الوقتِ.


(١) (أجزأه): ساقطة من (ب).
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) فِي (ب): (فكذلك).
(٤) فِي (ب): ذهب).
(٥) فِي (ب): (فكذا).
(٦) ساقطة من (ب).
(٧) فِي (ب): (في).
(٨) فِي (ب): (مع الكراهة فيظهر).