للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[تعريف المعدن والركاز]]

والمعَدَنُ: اسمٌ لمالٍ خَلَقهُ اللهُ تعالى في الأَرضِ يوم خُلِقَتْ الأرضُ، والرِكازُ: اسمٌ لهما جميعًا يُذكرُ ويُراد به المعدن، وُيذكر وُيرادُ به الكنزُ، كذا في شروح الطحاوي (١)، فكان هذا كالخلق، والكسْبِ، والفعلِ لما عُرِفَ، واشتقاقهُا بما أُطلق عليها، فإنُه ذُكِرَ في "المُغْرِب" (٢) عَدَنَ بالمكان: أقام به، ومنه المَعْدِنُ لما خَلقهُ الله تعالى في الأرضِ مِنَ الذَّهَبِ والفضةِ.

وفي "الصِّحَاح" (٣): عَدَنتِ الإبل بمكان كذا، أي: لَزِمْتهُ فلمْ تبرح، ومِنه جّناتِ عَدْنٍ، ومَركزُ كلِّ شيء معدِنُه، ولزومُ الإقامةِ إنما يكونُ في المخلوقِ فيها، كَنَزَ المالَ كنزًا جَمَعَهُ من باب ضَرَبَ، والكنز واحدُ الكنوزِ، وهو: المالُ المدفونِ، قسمته بالمصدر، ودِلالَةُ الجمعِ غلبتْ على فعلِ حادثٍ من العبدِ، رَكَزَ الرُمَحَ غَرَزهُ رَكْزًا من باب نَصَرَ، ومنه الرِّكَاز المعدن أو الكنز؛ لأَن كلًا منهما مركوزٌ في الأرض، أي: مُثبت، وإن اختلفَ الراكز، ثُمَّ المرادُ من الرِّكَازِ المذكورِ في لقبِ الباب الكنزُ لمعنيين:

أحدهما: أنّ هذا البابَ يشتمل على بيانِ الْمَعَادِنِ، والكنوزِ على ما يجيء.

والثاني: أنه لو أُريدَ بهِ الْمَعَادِنَ يلزمُ محضً تكرارٍ لا فائدةَ فيه؛] لأنهُ حينئذٍ يكونُ تقديرهُ بابٌ في المعادنِ (٤)، ولهذا لَقّبَ الإمامُ التُّمُرْتَاشِي -رحمه الله- هذا الباب ببابٍ في المعدن والكنز (٥).

[أنواع الْمَعَادِنِ ومقدار زكاتها]

قوله -رحمه الله- (٦): (معدنُ ذهبٍ، أو فضةٍ، أو رصاص، أو حديد، أو صُفْر وُجِدَ في أرضِ خراجٍ أو عُشر، ففيه الخُمس) (٧)، إنما قُيِّدَ بأرض خراج أو عُشر احترازًا عمَّا يوُجدُ من المعدنِ في الدارِ، فإنه لا خمُسَ فيه عندَ أبي حَنِيفَةَ -رحمه الله- (٨)، وأما إذا وُجِد المعدنُ في المفازةِ (٩) التي لا مَالِكَ لها ففيه الخِمُسُ عندنا، أيضًا كما إذا وجده في أرضِ الْعُشْرِ أو الخراج (١٠). كذا في شَرْح الطَّحَاوِيِّ -رحمه الله- (١١) (١٢).


(١) هو: أحمد بن مُحَمَّد بن سلامة بن سلمة الأزدي الطحاوي، أبو جعفر: فقيه انتهت إليه رياسة الحنفية بمصر. ولد ونشأ في طحا من صعيد مصر، وتفقه على مذهب الشَّافِعِي، ثُمَّ تحول حنفيًّا. ورحل إلى الشام سنة ٢٦٨ هـ فاتصل بأحمد بن طولون، فكان من خاصته، وتوفي بالقاهرة. وهو ابن أخت المزني. من تصانيفه: (شرح معاني الآثار) في الحديث، و (بيان السنة) رسالة، وكتاب (الشفعة) وغيرهم.
يُنْظَر: تاريخ دمشق (٥/ ٣٦٨)، الجواهر المضية (١/ ١٠٢)، الأَعْلَام للزركلي (١/ ٢٠٦).
(٢) يُنْظَر: (٢/ ٤٦).
(٣) يُنْظَر: (٦/ ٢١٦٢).
(٤) سقطت من (ب).
(٥) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة: (٢/ ٢٣٣).
(٦) هذا نقل من المؤلف من صاحب متن بِدَايَةُ المُبْتَدِي برهان الدين علي بن أبي بكر بن الْمَرْغِينَانِي. يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (ص: ٣٦).
(٧) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ٣٥).
(٨) يُنْظَر: بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٦٧)، حاشية ابن عابدين (٢/ ٣٢١).
(٩) المفازة الموضع المهلك مأخوذة من فَوَّزَ بالتشديد لإذا مات، لأنها مظنة الموت وقيل من فَاز إذا سلم ونجا وسميت به تفاؤلاً بالسلامة. يُنْظَر: المصباح المنير (١/ ٢٥٠).
(١٠) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي: (٢/ ٢١٢).
(١١) شَرْح الطَّحَاوِيِّ، لأبي جعفر أحمد بن مُحَمَّد بن سلامة بن عبدالملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري المعروف بالطحاوي (ت ٣٢١ هـ) واسم كتابه (شرح مشكل الاثار) حققه شعيب الأرنؤوط وطبعته دار الرسالة.
(١٢) يُنْظَر: مختصر الطحاوي (١/ ٤٩).