للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحاصِلُ وجوهِ هذهِ المسألة: خمسةَ عشَر وجهًا؛ وذلك لأنّ الذَّهَبَ أو الْفِضَّة الذي يُوجدُ في الأرضِ لا يخلو إنْ كان معدِنًا أو كنزًا، وكلُّ ذلك لا يخلو إما أنْ يوجدَ في حيّزِ دارِ الإسلامِ، أو حيّزِ دارِ الحرب، وكلُّ ذلك لا يخلو عن ثلاثةِ أوجه: إما أن يُوجدَ في مفازةٍ لا مالكَ لها، أو في أرضٍ مملوكة، أو دارِ، والموجودُ كنزًا لا يخلو عن ثلاثة أوجه أيضًا إما أن تكونَ على (ضربِ أهلِ الإسلامِ) (١)، أو على (ضربِ أهلِ الجاهليةِ أو اشتبه الضربُ) (٢)، وكلُّ ذلك مذكورٌ في الكتابِ، ثُمَّ المرادُ مِنَ المعدنِ المذكورِ في قوله: معدِنُ ذهبٍ، أو فضةٍ، أو رَصاصٍ مكان هذه الأشياء المذكورةِ، لا أن يكونَ مخصوصًا بالذَّهَبِ والْفِضَّة لما أنّ المعدنَ يُطلق على مكانِ كُلِّ شيءٍ (٣)، على ما ذكرنا من "الصِّحَاح" (٤).

ويدلُ أيضًا على أنَّ المعدِنَ غيرُ مخصوصٍ بالذَّهَبِ والْفِضَّة، ما ذكر في "المَبْسُوط" حيث قال: اعَلمْ أنَّ المسُتخرجَ مِن الْمَعَادِنِ أنواعٌ ثلاثة: منها: جامدٌ يذوبُ وينطبعُ؛ كالذهبِ، والفضةِ، والحديدِ، والرصاصِ، والنحاسِ، ومنها: جامدً لا يذوبُ بالذوبِ كالجصِّ (٥)، والنُّورَةُ (٦)، والكحلِ، والزرنيخِ (٧)، ومنها: مائعٌ لا يتجمدُ كالماءِ، والقيرِ (٨)، والنِفط (٩)، وأمّا الجامدُ الذي يذوبُ بالذوبِ: ففيه الخمسُ عِنْدَنَا، وقال الشَّافِعِي -رحمه الله-: فيما سوِى الذهبِ، والْفِضَّة لا يجبُ شيءٌ، وفي الذَّهَبِ والْفِضَّة يجبُ ربعُ الْعُشْرِ، والنِصابُ عندَه مُعتبرٌ حتى إذا كانَ دونَ المائتين من الْفِضَّة لا يجبُ شيء (١٠)، وفي اعتبارِ الحولِ له وجهان (١١) (١٢).


(١) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٠٥).
(٢) يُنْظَر: المرجع السابق (١/ ١٠٥).
(٣) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٢٣٣).
(٤) يُنْظَر: (٦/ ٢١٦٢).
(٥) الجِصُّ: بكسر الجيم معروف وهو معرّب لأن الجيم والصاد لايجتمعان في كلمة عربية وجَصَصْت الدار عملتها بالجص والعامة تقول الجَصُّ بالفتح والصواب كسرها وهو كلام العرب، يُنْظَر: المصباح المنير (١/ ١٠٢)، المُغْرِب (١/ ١٤٧).
(٦) النُّورَةُ: بضم النون حجر الكلس، ثُمَّ غلبت على أخلاط تضاف الى الكلس من زرنيخ وغيره، وتستعمل لإزالة الشعر. يُنْظَر: المصباح المنير (٢/ ٦٣٠).
(٧) الزرنيخ حجر منه أبيض وأحمر وأصفر، يُنْظَر: القاموس المحيط (١/ ٣٢٢).
(٨) القير والقار لغتان وهو صُعُد يذاب فيستخرج منه القار، وهو شيء أسود تطلى به الأبل والسفن، يمنع الماء أن يدخل ومنه ضرب تحشى به الخلاخيل والأسورة، وقيرت السفينة طليتها بالقار وقيل هو الزّفت. يُنْظَر: لسان العرب (٥/ ١٢٤).
(٩) النَّفْطُ: دُهْن بفتح النون وكسرها والكسر أفصح، وهو الذي تطلى به البل للجرب والقردان. يُنْظَر: لسان العرب (٧/ ٤١٦).
(١٠) يُنْظَر: الْمَجْمُوع (٦/ ٧٧)، المهذب (١/ ١٦٢).
(١١) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي: (٢/ ٣٨١).
(١٢) اختلف أهل العلم في اشتراط الحول في الرِّكَاز فقال الشَّافِعِي ومالك رحمهما الله بعدم اشتراط الحول.