للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[قسمة الغنيمة في دار الحرب]]

فَأبى، وقال: لا تحدّث العرب بأنّي خدعت محمدًا مرّتَين؛ ثم أمر به فقُتِل.

(وقال الشافعي لا بأس بذلك (١).

وذكر في الإيضاح: وقال أبو يوسف: إنْ قُسِمتْفي دار الحرب (٢) جاز (٣).

(ويبتني على هذا الأصل عدَّة من المسائل) وذكر في التحفة (٤): يتعلّق حق التَّملُّك أو حقُّ الملك للغزاة بنفس الأخذ والاستيلاء، ولا يثبت الملك به قبل الإحراز بدار الإسلام عندنا خلافًا للشافعي -رحمه الله-، فإنَّ عنده (٥)، في قولٍ، يثبت الملك بنفس الأخذ، وفي قولٍ، بعد الفراغ من القتال وانهزام العدو. ويَبْتني على هذا الأصل فروع؛ منها:

أنَّ الإمام إذا باع شيئًا مِن الغنائم لا لحاجة الغزاة، أو باع واحدٌمن الغزاة، فإنَّه لا يصّح عندنا؛ لعَدم الملك؛ وكذا لو أتلف واحدٌ من الغزاة في دار الحرب، فإنَّه لا يضمن؛ ولو مات واحدٌ من الغزاة لا يُورَث سهمُه؛ ولو لحق المددُ الجيشَقبل القسمة في دار الحرب يشاركونهم في القسمة؛ ولو قَسَم الإمام في دار الحرب لا مجتهدًا ولا باعتبار حاجة الغزاة لا تصحُّ القسمة عندنا، وعند الشافعي يصح (٦).

وقال: هو بخلاف ما ذكرنا في هذه الفصول، وبيان ثبوت الحقِّ لهم أنَّ الأسير إذا أسلم قبل الإحراز بدار الإسلام، فإنَّه لا يكون حُرًّا، ولو أسلم قبل الأخذ يكون حرًالما أنَّه يتعلّق حقُّالغزاة بالأخذ.

وكذا لو أسلم أرباب الأموال قبل الإحراز بدار الإسلام، فإنَّهم لا يختصُّون بأموالهم، بل هم من جملة الغزاة في الاستحقاق بسبب الشّركة في الإحراز بدار الإسلام بمنزلة المدد.

وكذا ليس لواحدٍ من الغزاة أنْ يأخذ شيئًا من الغنائم من غير حاجة؛ ولو لم يثبت الحقّ لهم لكانت الغنائم بمنزلة المباح. ثُمَّ بعد الإحراز بدار الإسلام قبل القسمة، فإنَّ حقَّ الملك يتأكَّد ويستقِرُّ، ولكنْ لا يثبت الملك أيضًا. ولهذا قالوا: لو مات واحدٌ منهم يورَث نصيبُه، ولو قسم الإمام أو باع جاز، ولو لحِقَهُم مدد لا يشاركون، ويضمن المتلِف، ولكنَّ الملك لا يثبُت حتَّى لو أَعتَق واحدٌ من الغزاة عبدًا من عَبيد الغَنيمة لا يُعتَق؛ لأنَّه لا يثبت الملك الخاصُّ إلا بالقسمة (٧).


(١) مذهب الشافعي: أنه يستحب أن تقسم الغنائم في دار الحرب، ويكره تأخيرها إلى دار الإسلام منغير عذر. ينظر الحاوي الكبير (١٤/ ١٦٥)، نهاية المطلب في دراية المذهب (١١/ ٥٠٣).
(٢) دار الحرب: هي الدار التي تظهر فيها أحكام الكفر، وتكون السلطة فيها لغير المسلمين. ينظر اختلاف الدارين وآثاره في أحكام الشريعة الإسلامية (١/ ٢٣٣).
(٣) ينظر السير الصغير ت خدوري (ص: ٢٤٧) وقال: وأحبّ ذلك إلي أنْ يقسموها إذا خرجوا إلى دار الإسلام، وهو قول محمد كذلك. ينظر (ص: ١٠٩)، الاختيار لتعليل المختار (٤/ ١٢٦).
(٤) التحفة هو: تحفة الفقهاءفي الفروع. للشيخ، الإمام، الزاهد، علاء الدين: محمد بن أحمد السمرقندي، الحنفي. زاد فيها: على (مختصر القدوري). ورتب أحسن ترتيب. ينظر كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (١/ ٣٧١)، وهو مطبوع.
(٥) قوله: "فإن عنده" ساقط من (ب).
(٦) ينظر الأم للشافعي (٧/ ٣٥٣).
(٧) ينظر تحفة الفقهاء (٣/ ٢٩٨ - ٢٩٩).