للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وكذا إذا كيل في المجلس أو سمي جملة، قفزانها) (١)

أي للمشتري الخيار أيضاً، وإن لم يكن فيه تفريق الصفقة، ولكن لمعنى آخر، وهو أن حال المشتري إنما انكشفت عليه في الحال في مقدار الواجب عليه ثمناً، فجاز أن يكون في حدسين (٢)، أن يكون ذلك أقل من الذي ظهر، فقيل: الكل بنى على ذلك الحدس والظن، فلما ظهر أكثر مما ظن كان له الخيار؛ لأنه ربما لا يكون له (٣) من الثمن بمقدار هذا الذي ظهر، ولا يمكنه أخذ ذلك الزائد بلا ثمن، ولا يمكنه أخذ ما ظن بدون ذلك الزائد؛ لتفرق الصفقة، فكان له الخيار، كما لو لم يره المشتري وقت الشراء، ثم رآه، له خيار الرؤية؛ لأنه بعدما رآء (٤) ربما لا يعجبه، فأثبت الشارع له فيه خيار الرؤية دفعاً للضرر فكذا هنا، إلى هذا أشار في شرح الجامع الصغير (٥) (٦).

[[بيع الثوب مذارعة]]

وكذلك من باع ثوباً مذارعة (٧) أي: بشرط الذرع.

اعلم أن هذه المسألة على وجوه ثلاثة:

أحدها: أن تبين جملة الذرعان ولم يبين جملة الثمن فقال: بعت منك هذا الثوبوهو عشرة أذرع- كل ذراع بدرهم، فهو جائز؛ لأن المعقود عليه (٨) وجملة الثمن صارت معلومة ببيان الذرعان (٩) الثوب.

والثاني: أن يبين جملة الثمن، ولم يبين جملة المعقود عليه، فقال: بعت منك هذا الثوب بعشرة دراهم، كل ذراع بدرهم، فهو جائز؛ لأنه لما سمى لكل ذراع درهماً، وبيَّن جملة الثمن، صار جميع الذرعان معلوماً.


(١) قال في الهداية: "لأنه علم ذلك الآن فله الخيار، كما إذا رآه ولم يكن رآه وقت البيع. " الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٤٢).
(٢) الحدس: التوهم في معاني الكلام والأمور. تهذيب اللغة (٤/ ١٦٥).
(٣) "فيه" زيادة في (ب).
(٤) "رأه"في (ب).
(٥) شرح الجامع الصغير، وهي شروح كثيرة لكتاب الجامع الصغير في الفروع للإمام المجتهد: محمد بن الحسن الشيباني، الحنفي، المتوفى: سنة ١٨٧، شرحه جمع من العلماء الأحناف ولمعرفة ذلك ينظر: كشف الظنون (١/ ٥٦٣). الدر المختار وحاشية ابن عابدين (١/ ٧٠).
(٦) ينظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٣٤١).
(٧) قال في الهداية: " قال: ومن باع قطيع غنم، كل شاة بدرهم، فسد البيع في جميعها عند أبي حنيفة، وكذلك من باع ثوباً مذارعة، كل ذراع بدرهم، ولم يسم جملة الذرعان" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٤٢).
(٨) "معلوم" زيادة في (ب)، وهي في هامش (أ).
(٩) هكذا في النسختين، ولعل الصواب (ببيان ذرعان الثوب).