للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[في جواز توكيل المرأة المخدرة]

«ولو كانت المرأة مخدرة، ولم تجر عادتها بالبروز» (١).

وذكر الإمام البزدوي: المخدَّرة هي التي لا يراها غير المحارم من الرجال، أما التي جلست على المنصة فرآها الأجانب لا تكون مخدرة؛ فلو وكَّلت بالخصومة فوجب عليها اليمين، وهي لا تُعرف بالخروج، ومخالطة الرجال في الحوائج يبعث الحاكم إليها ثلاثة من العدول يستحلفها أحدهم، ويشهد الآخران على حلفها (٢).

والمسألة في باب الأعداء في المنتقي، وإنما يفعل هكذا لأنَّ النيابة لا تجري في الأيمان.

وذكر في الباب الثلاثين، وهو باب الأعداء من أدب القاضي للصدر الشهيد:

«إذا كان المستعدى عليه مريضاً، أو [امرأة] (٣) مخَّدرة؛ وهي التي لم يعهد لها الخروج إلا عند الضرورة، لا يأمر بإحضارهما (٤).

«أما المريض؛ فلأنه معذور قال الله تعالى: {وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} (٥).

وأما المخدرة؛ فلأنه لا فائدة في إحضارها؛ لأن الحياء يمنعها من التكلم وربما يصير ذلك سبباً لفوات حقها (٦).

فبعد هذا لا يخلو إما أن يكون القاضي مأذوناً بالاستحلاف، أو لم يكن.

فإن كان يبعث إليها، أو إلى المريض خليفة، فيفصل الخصومة هنالك؛ لأن مجلس الخليفة كمجلسه (٧).

وإن لم يكن لا يستحلف؛ ولكن يبعث إليها أميناً من أمنائه، ويبعث مع الأمين رجلين أمينين أيضاً ممن يعرفان المرأة والمريض؛ لأن المقصود من هذا أن ينقلا كلام المرأة إلى القاضي إقراراً كان أو إنكاراً [وشهدا] (٨) على ذلك، وإنَّما يمكنهما الشهادة إذا كانا يعرفان المرأة والمريض، فإذا أتى الأمين مع الشَّاهدين إلى المرأة إن أقرَّت بدعوى المدَّعِي شهد شاهدان على ذلك، وقال الأمين لها، أو للمريض وكِّل وكيلاً يحضر مع خصمك مجلس الحكم.

فإذا فعل ذلك حضر الشاهدان فشهد عليه عند القاضي بما أقر بمحضر من وكيله، وإن جحد الدعوى أمره الأمين أن [يوكل] (٩) وكيلاً يحضر مع خصمه؛ ليقيم عليه البينة، والشَّاهدان اللذان ذهبا مع الأمين ينقلان إنكار الخصم كما ينقلان إقراره.

فإذا توجه اليمين عليها، أو على المريض عرض الأمين اليمين.


(١) الهداية (٣/ ١٣٧).
(٢) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ٢٢٥).
(٣) سقط من: «ج».
(٤) ينظر: فتح القدير (٧/ ٥٠٩)، البناية شرح الهداية (٩/ ٢٢٥)، حاشية رد المحتار لابن عابدين (٧/ ٢٨٢).
(٥) سورة النور، آية ٦١.
(٦) ينظر: المحيط البرهاني (٨/ ٤١).
(٧) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ٢٢٥).
(٨) في «ج»: [وشهدانا].
(٩) في «ج»: [يتوكل].