للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: وفيه خلاف زفر، وقال زفر: يجوز أن يؤم المومئ لمن يركع ويسجد هنا سقط إلى بدل، والمتأدي بالبدل كالمتأدي بالأصل، ولهذا قلنا: إن المتيمم يؤم المتوضئين، وبه فارق ما تقدم، وهو اقتداء القاري بالأمي وغيره؛ لأن هناك الفرض سقط لا إلى بدل فلم يمكن البناء عليه، ولنا أن الإيماء ليس بدل عن الركوع؛ لأنه بعضه وبعض الشيء لا يكون بدلًا عنه، فلما كان هو بعض الأصل، ثم لو جاز الاقتداء لكان مقتديًا في بعض الصلاة دون البعض، وذلك لا يجوز (١)، كذا في «المحيط» (٢).

[[اقتداء المفترض بالمتنفل]]

ولا يصلي المفترض خلف المتنفل إلى آخره، وجملته: أن اقتداء المفترض بالمتنفل أو على العكس أو اقتداء مصلي فرض بمصلي فرض آخر، والاقتداء المحدث أوجبت بعد العلم أو قبله لا يجوز عندنا سوى اقتداء المتنفل بالمفترض.

وعند مالك: لا يجوز هو أيضًا، ويقول: لا أنها صلاتان مختلفتان اسمًا، فلا يصح بناء إحداهما على الأخرى قياسًا على الفرضين المختلفتين (٣)، وعند الشافعي يجوز في جميع ذلك، وأما إذا علم قبل الاقتداء أن الإمام حنث أو محدث، فلا يجوز الاقتداء به بالإجماع (٤).

[[الاقتداء بالكافر]]

وأما الاقتداء بالكافر والمرأة فلا يجوز عنده أيضًا كما لا يجوز عندنا سواء علم أو لم يعلم فقال: لأن المرأة لا تصلح لإمامة الرجل؛ لأنها جعلت تبعًا للرجل في باب الجماعة، فلا يجوز أن يجعل أصلًا، والكافر لا صلاة له فالاقتداء بمن لا صلاة له باطل، والقياس في الجنب كذلك إلا أني تركت القياس بالأثر على ما يأتي بيانه (٥). واحتج هو في صحة اقتداء المفترض بالمتنفل، وفي اختلاف الفرضين لحديث معاذ رضي الله عنه فإنه كان يصلي مع النبي عليه السلام العشاء، ثم يرجع فيصليها بقومه في بني سلمة (٦). فكانت صلاة العشاء لمعاذ نفلًا مع قومه ولأصحابه فرضًا على أن اقتداء المفترض بالمتنقل جائز، والمعنى في المسألة: هو أنهما صلاتان اتفقتا في الأفعال المعهودة وتصحان جماعة وفرادى، فيصح بناء أحديهما على الأخرى بالاقتداء قياسًا على صلاة واحدة، ولا يلزم من يصلي الجمعة بمن يصلي الظهر حيث لا يجوز لأنا قلنا: يصح فرادى وجماعة، والجمعة لا تصح أدائها فرادى، ولأن لها شرائط لم يوجد في الظهر. ولنا ما روي عن النبي عليه السلام: «الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن» (٧).


(١) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٧١.
(٢) يُنْظَر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٠٩.
(٣) يُنْظَر: المدونة ١/ ١٠١، الموطأ ١/ ٣٩.
(٤) يُنْظَر: بدائع الصنائع: ١/ ٩٣.
(٥) يُنْظَر: بدائع الصنائع: ١/ ١٤٠.
(٦) رواه البخاري في صحيحه (٦٦٩)، كتاب الأذان، باب إذا طول الإمام وكان للرجل حاجة فخرج فصلى. ومسلم في صحيحه (٤٦٥)، كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، من حديث جابر رضي الله عنه.
(٧) رواه أبو داود في سننه (٥١٧)، كتاب الصلاة، باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت. والترمذي في سننه (٢٠٧)، كتاب أبواب الصلاة، باب ما جاء أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، وأحمد في مسنده (٧١٦٩ - ٢/ ٢٣٢)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.