للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[ترك الإشهاد]

ألا ترى أنه يصح من غير قبول ولا يريد (١) بالرد، وإسقاط الحق يعتمد وجوب الحق، أما لا يعتمد علم المسقط ولا علم المسقط إليه كالطلاق والعتاق.

وإذا ترك الشفيع الإشهاد حين علم وهو يقدر على ذلك بطلت شفعته.

فإن قلت: ذكر ترك الإشهاد هنا مبطلاً للشفعة، وذكر [قبل] (٢) هذا في باب طلب الشفعة: أن الإشهاد ليس بلازم، وإنما هو ينفي التجاحد، وكذلك ذكر في «الذخيرة» (٣) وغيرها أن الإشهاد ليس بشرط، وإنما ذكر أصحابنا الإشهاد عند هذا الطلب في الكتب بطريق الاحتياط، حتى لو أنكر المشتري هذا الطلب يتمكن الشفيع من إثباته، لا لأنه شرط لازم، ولما لم يكن الإشهاد شرطًا لازمًا على تلك الرواية لا يكون تركه مبطلاً للشفعة (٤)، فكيف وجه التوفيق بينهما؟

قلت: يحتمل أن يريد بهذا الإشهاد نفس طلب المواثبة، ولكن لما كان طلب المواثبة لا ينفك عن الإشهاد في حق علم القاضي سمى هذا الطلب إشهادًا، والدليل على هذا: ما ذكره من التعليل في حق ترك طلب المواثبة مثل ما ذكره (٥) من التعليل هاهنا.

[إن صالح على الشفعة بعوض]

وإن صالح من شفعته على عوض، إلى آخره.

اعلم أن صلح الشفيع مع المشتري على ثلاثة أوجه:

وفي (٦) وجه: يصح، وهو أن يصالح على أخذ نصف الدار بنصف الثمن.

وفي وجه: لا يصح، ولا تبطل شفعته، وهو أن يصالح على أخذ بيت بعينه من الدار بحصته من الثمن؛ لأن حصته مجهولة، ولا تبطل شفعته؛ لأنه لم يوجد منه الإعراض عن الأخذ بالشفعة بهذا الصلح.

وفي وجه: تبطل شفعته، ولا يجب المال، وهو أن يصالح على أن يترك الشفعة بمال يأخذه من المشتري، فهنا تبطل شفعته لوجود الإعراض عن الأخذ بالشفعة، ولا يجب المال؛ لأن ملك المشتري في الدار لا يتغير بهذا الصلح، بل بقي على ما كان قبل الصلح، وحق الشفعة ليس بمال، ولا يؤول مالاً بحال، فالاعتياض عنه بالمال لا يجوز بخلاف القصاص، فإن نفس القاتل كانت مباحة في حق من له القصاص، وبالصلح تحدث له العصمة في دمه، فيجوز أن يلزمه العوض بمقابلته./ كذا ذكره في باب (الصلح) في الشفعة من صلح «المبسوط» (٧).


(١) في (ع): «يرتد»، وهو الصواب؛ لموافقته سياق الكلام.
(٢) ساقطة من: (ع).
(٣) ينظر: البناية: ١١/ ٣٦٩، فتح القدير: ٩/ ٤١٣.
(٤) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٢٦٩، البناية: ١١/ ٣٦٩.
(٥) في (ع): «ذكر».
(٦) في (ع): «في».
(٧) ينظر: المبسوط: ٢٠/ ١٦٣.