للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«أو يفعله عادةً» (١) معطوف على قوله: «يحل له»، يعني: أنَّ العادة جرت بأن الشِّراء إذا كان مضافاً إلى دراهم معينة أن يقع الشراء لصاحب الدراهم؛ لأن المشتري إذا [اشترى] (٢) لموكله يشتريه مطلقاً من غير إضافة إلى دراهم نفسه، وهنا لما أضاف العقد إلى الدراهم يقع العقد لصاحب الدراهم حملاً لآمره على وفق العادة (٣).

وحاصله أنَّه إذا أضاف العقد إلى دراهم الآمر/ يكون للآمر، فلو قلنا بأن الشراء واقع للوكيل فيه كان حملاً لأمر الوكيل على ما لا يحل شرعاً، وهو الغصب، وذلك لا يجوز.

وكذلك لو أضاف العقد إلى دراهم نفسه يكون له، لأنَّا لو قلنا بأن الشراء واقعُ للموكل كان حملاً لأمره على خلاف العادة، وهو أيضاً لا يصح؛ لأن الأصل هو وفاق العادة؛ فلهذه الضرورة جعلنا الشراء لصاحب الدراهم.

حين وقعت الإضافة إلى الدراهم (٤) يحتمل الوجهين، أي: يحتمل أن يقع الشراء للآمر، أو يقع للوكيل.

«وفيما قلنا حمل حاله على الصلاح» (٥)، وهو أن لا يصير الوكيل غاصباً دراهم الموكل.

[في التوكيل بالإسلام على الطعام]

«والتوكيل بالإسلام في الطعام على هذه الوجوه» (٦)؛ أي: وفاقاً، وخلافاً، وإنما ذكر هذا؛ مع أنَّ حكم التَّوكيل بالإسلام يستفاد من بيان حكم التَّوكيل بشراء العبد نفياً لقول بعض مشايخنا؛ فإنهم قالوا في مسألة الشراء: إذا تصادقا أنه لم تحضره النية فالعقد للوكيل إجماعاً، ولا يحكم النقد، وإنما الخلاف [بين] (٧) أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- في مسألة التَّوكيل بالإسلام، وهذا القائل فرَّق بين مسألة الشراء، وبين مسألة السَلَم على قول أبي يوسف، والفرق أنَّ للنقد أثراً في تنفيذ السَّلم؛ فإنه إذا لم ينقد رأس المال يبطل السَلَم، فإذا جهل من نقد العقد عليه وجبت استبانة ذلك بالنَّقد، وأما ليس للنقد أثر في تنفيذ الشراء حتى يستبان من نفَّذ عليه الشراء بالنقد، فاعتبرنا العقد وافقا للعاقد عملاً بقضية الأصل (٨). كذا في الذخيرة.


(١) في قوله في الهداية (٣/ ١٤١): «وإن أضافه إلى دراهم نفسه كان لنفسه حملاً لحاله على ما يحل له شرعاً أو يفعله عادة إذ الشراء لنفسه بإضافة العقد إلى دراهم غيره مستنكر شرعاً وعرفا».
(٢) في «ج»: [اشتمل].
(٣) ينظر: فتح القدير (٨/ ٤٨).
(٤) في قوله في الهداية (٣/ ١٤١): «وإن أضافه إلى دراهم مطلقة، فإن نواها للآمر فهو للآمر، وإن نواها لنفسه فلنفسه … ».
(٥) الهداية (٣/ ١٤١).
(٦) الهداية (٣/ ١٤١).
(٧) في «ج»: [أن].
(٨) ينظر: العناية شرح الهداية (٨/ ٥١)، فتح القدير (٨/ ٥١).