للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[إذا جنت الجارية عند الغاصب]]

(كما إذا جَنَت في يد الغاصب بخلاف الحرة) بأن كانت مُكرهة على الزنا (لا تضمن بالغصب)؛ ولهذا لو هلكت عنده لا تُضمن والردّ أيضًا غير واجب، وإذا لم يجب الردّ كيف يوصف العدم بالتردد (١).

[[الفرق بين الرد والتسليم]]

وأما الأمة فتُضمن بالغصب، فيَضمن أيضًا بما انعقد من أسباب التلف في يد الغاصب، فافترقا من هذا الوجه، (وفي فصل الشراء) وهذا جواب عن قولهما (وكمن اشترى جارية قد حبلت عند البائع) إلى آخره، ويُفرِّق بهذا بين الردّ والتسليم، ويقول ليس على البائع هناك الردّ ولكن عليه التسليم؛ لأنه يُسلِّم المبيع (٢) ابتداء كما وقع عليه العقد، وهو أنه مال متقوّم وقد وجد ذلك؛ لأنه سلّمه كما وقع عليه العقد، وبموتها في النفاس لا ينعدم التسليم، والتردد لا يمنع صحة القبض والتسليم، وأمّا ههنا فالواجب على الغاصب نسخ فعله، وذلك إنما يتحقق في الردّ (٣)، ولما لم يوجد الردّ وجب عليه قيمتها بالهلاك من ذلك الوجه (وما ذكرناه) أي: وحاصل ما ذكرنا، وهو أن يردها كما غصب سالمة (٤) عن الحبل، وإنما أدرجنا قولنا: (وحاصل) لأن عين هذا اللفظ غير مذكور، ولا بدَّ منه بشرط صحة الرد والمشروط لا يتحقق بدون الشرط (٥)، فكان الردّ غير موجود فيضمن قيمتها لذلك (٦).

[[لا ضمان على الغاصب إذا هلكت الجارية بسبب جلد الزنا]]

(والزنا سبب لجلد مؤلم) جواب لقولهما: (أو زنت في يده، ثم ردّها فجُلدت فهلكت)، حيث لا يضمن الغاصب القيمة، فيقول في جوابه: الزنا الذي وُجد في يد الغاصب إنما يوجب الجلد المؤلم لا الجلد الجارح، ولا المُتْلِف ولمَّا جُلِدَت في يد المالك بجلد مُتلِف كان هذا غير ما أوجبه في يد الغاصب فلا يضمن الغاصب لذلك.

[لا ضمان على الغاصب إذا هلكت الجارية بسبب الحُمَّى]

(فلم يوجد السبب) أي: سبب التلف أو الجرح في يد الغاصب لم يوجد، ثم لو وجد الجلد المتلِف في يد المالك كان سببًا حادثًا حدث في يد المالك فلا يضمنه الغاصب، وكذا الجواب عن مسألة الحُمَّى، فإن الهلاك حصل لضعف الطبيعة عن دفع آثار (٧) الحُمَّى المتوالية، وذلك لا يحصل بالحمى الأولى التي كانت عند الغاصب، فإن ذلك غير موجب لِمَا بعده فلذلك لم يضمن الغاصب قيمتها لحصول الهلاك بسبب آخر غير الأوّل في يد المالك، هذا كله من شرح «الجامع الصغير» للإمام قاضي خان (٨) والمحبوبي (٩)، وغيرهما.


(١) انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٣٥٤)، حاشية ابن عابدين (٦/ ٢٠٥).
(٢) في (أ): (البيع) وما أثبت هو الصحيح لسياق الكلام.
(٣) في (ع): زيادة (كما في قبض وحين ماتت في النفاس قد بين أنه ما نسخ فعله الذي هو الغصب بالرد).
(٤) في (ع): (سليمة).
(٥) انظر: أصول السرخسي (١/ ٢٢٢)، كشف الأسرار (١/ ٦٣).
(٦) انظر: شرح الجامع الصغير لفخر الإسلام (٣/ ٧٧٥)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٣٣).
(٧) في (ع): (انتشار) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ١٠٨).
(٨) انظر: مخطوط الجامع الصغير (٢/ ١٤٢/ ب)، فتاوى قاض خان (٣/ ١٢٠).
(٩) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ١٠٨)، العناية شرح الهداية (٩/ ٣٥٤)، حاشية ابن عابدين (٦/ ٢٠٥).