للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[[غصب الساجة]]

(ومن/ غصب ساجة) بالجيم وهي الخشبة العظيمة جِدًّا أو الْخَشَبَةَ الْمَنْحُوتَةَ الْمُهَيَّأَةَ لِلْأَسَاسِ وَنَحْوِهِ. كذا في «المغرب» (١).

وأما مسألة الساحة بالحاء المهملة فيجيء بعد هذا بقوله: (ومن غصب أرضًا فغرس فيها أو بنى) ولأن في مسألة الساحة قولنا كقوله (٢) بخلاف هذه المسألة؛ ولأنه ذكر في «المبسوط» (٣) بعبارة هي نصٌّ على ما قلنا فقال: (ولو غصب ساجة فجعلها بابًا أو حديدًا (٤)، فجعلها سيفًا ضَمِن قيمة الحديدة، والساجة للغاصب عندنا (٥).

[[زوال ملك مالك الساجة إذا كانت قيمتها أقل من قيمة البناء]]

ثم اعلم أن هذا الحكم الذي ذكره في الساجة من زوال ملك مالكها إذا بنى الغاصب عليها، فيما إذا كانت قيمة البناء أكثر من قيمة الساجة.

وأما إذا كانت قيمة الساجة أكثر من البناء فلم يَزُل مِلك مالكها ذكره في «الذخيرة» (٦)، ويَذكر تمامه في مسألة الساحة، وهي قوله: (ومن غصب أرضًا فغرس فيها أو بنى) -إن شاء الله تعالى- (والوجه من الجانبين قدَّمناه) أي: في أول هذا الفصل بقوله: (وإذا تغيرت العين المغصوبة بفعل الغاصب) إلى آخره.

ثم في هذه المسألة وافق زفر (٧) الشافعي (٨)، ووافقنا في تلك المسائل، وهي: (ما إذا غصب حنطة فجعلها دقيقًا وغيرها)، والفرق له هو أن الحادث هنا زيادة وصف من غير أن يكون الأول مُستهلَكًا بخلاف ما تقدَّم، (وآخر لنا فيه) أي: ودليل آخر لنا في تعليل هذه المسألة (أن فيما ذهب إليه إضرارًا بالغاصب) إلى آخره يعني: لا بدَّ في هذا من إلحاق الضرر بأحدهما إما في حق الغاصب، فكما في قول الشافعي (٩) بأن يَهدم بناؤه ويرد الساجة إلى صاحبها.


(١) انظر: المغرب (ص: ٢٣٧)، الصحاح (١/ ٣٢٣)، لسان العرب (٢/ ٣٠٣).
(٢) أي: الشافعي. انظر: الأم للشافعي (٣/ ٢٥٥)، الحاوي الكبير (٧/ ١٦٦).
(٣) للسرخسي (١١/ ٩٣).
(٤) في (أ): (حديدة) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٩٣).
(٥) انظر: المبسوط للشيباني (١٢/ ١٣٩)، المحيط البرهاني (٥/ ٤٧١)، فتاوى قاض خان (٣/ ١٠٤).
(٦) انظر: المحيط البرهاني (٥/ ٤٧١)، البحر الرائق (٨/ ١٣١)، الدر المختار (٦/ ١٩٢).
(٧) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٩٣)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٢٧).
(٨) انظر: الأم للشافعي (٣/ ٢٠٧)، العزيز (٥/ ٤٦٥)، تحفة المحتاج (٦/ ٢١)، نهاية المحتاج (٥/ ١٦٢).
(٩) انظر: الأم للشافعي (٣/ ٢٠٧)؛ وقال الرافعي: (إذا غصب سَاجَةً وأدرجها في بنائه، أو بني عليها، أو على آجُرٍّ مَغْصُوب لم يملك المغصوب، وعليه إخراجه من البناء، ورده إلى المالك) العزيز (٥/ ٤٦٥)، وانظر: تحفة المحتاج (٦/ ٤٨)، نهاية المحتاج (٥/ ١٨٩).