للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[تعريف الاعتكاف]]

أما تفسيرُهُ لُغةً (١): فإنهُ افتعالٌ من عَكَفَ، وهو مُتَعَدِّ فمصْدَرُهُ العَكْفُ (٢)، ولَاْزَمَ فمصدَرُهُ العُكوفُ فالمتعدِي بمعنى الحَبْسِ، والمنعِ، ومنه قوله تعالى: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا} (٣)، ومنه الِاعْتِكَافُ في المسجدِ، وأمّا اللاُزم فهو الإقبالُ على الشيِء بطريقِ المواظبةِ (٤)، ومنهُ قولهُ تعالى: {عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} (٥) (٦).

وأمّا تفسيرَه شريعةً (٧): فهو اللُبْثُ، والقَراْرَ في المسجدِ مع نيةِ الاعتكافِ، فكانَ التفسيرُ الشرعيُّ مبنيًا على التفسيرِ اللُّغوي مع زيادةِ اشتراطِ المسجدِ، والنيةِ (٨).

[[صفة الاعتكاف]]

وأما صفُتُه: فإنهُ سُنةٌ لما ذُكِرَ في الكتابِ (٩)، وأمّا رُكَنْهُ: فما هو تفسيرُهَ شريعةً؛ لأنهُ يقومُ بهِ. وأما شْرطُهُ: فالصَّوْم، ومسجِدُ الجَماعةِ، ونيةُ الِاعْتِكَافِ في حقِّ الرجالِ (١٠)؛ لأَنّ الرَّكْنَ يوُجدُ صحيحًا عندَنا، وفي حقِّ المرأةِ مسجدُ بيتهِا (١١) قائِمٌ مَقامَ مَسْجِدِ الجَماعةِ في حقِّ الرجالِ وإنْ كانَ يجوزُ لها في رِوايةٍ أنْ تعتكفَ في مسجدِ الجَماعةِ، ولكنْ الأفضلَ هو الأولُ. وأمَّا سببُهُ إنْ كانَ واجباً فالنذْرُ، وإنْ كانَ تطوُعًا فالنشاطُ الدَّاعِي إلى طلبِ الثوابِ كما في سائرِ النذوراتِ والتطوعاتِ، وأمّا حُكْمُهُ: إنْ كانَ واجبًا ما هو حُكْمُ سائِر الواجباتِ، وإنْ كَانَ هذا ما هو حُكْمُ سائرِ النوافلِ، وأمّا نقيضُهُ فالخروجُ من المسجِدِ لا لحاجةٍ لازمةٍ مُتَطبِعًا أو شَرْعًا.


(١) يُنْظَر: غريب الحديث لابن قتيبة (١/ ٢١٧)، مختار الصِّحَاح (١/ ٤٦٧).
(٢) يُنْظَر: عمدة القاري (١١/ ٢٠٠).
(٣) سورة الفتح الآية (٢٥).
(٤) يُنْظَر: عمدة القاري (١١/ ٢٠٠).
(٥) سورة الأعراف الآية (١٣٨).
(٦) يُنْظَر: الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ٣٢١).
(٧) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٣٢)، الذخيرة (٢/ ٥٣٤)، الْحَاوِي (٣/ ٤٨٦)، الكافي لابن قدامة (١/ ٤٥٤).
(٨) يُنْظَر: الجوهرة النيرة (١/ ١٤٥).
(٩) يُنْظَر: تُحْفَةِ الْفُقَهَاء (١/ ٣٧١)، الهِدَايَة (١/ ١٣٢).
(١٠) يُنْظَر: بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ١٠٩)، تَبْيِينُ الْحَقَائِق (١/ ٣٤٨).
(١١) يُنْظَر: المَبْسُوط (٣/ ٢١٥)، تُحْفَةِ الْفُقَهَاء (١/ ٣٧٢).