للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ليس للمأذون أن يُقرِض]

(وليس له أن يدفع طعامًا إلى رجل ليزرعه ذلك الرجل في أرضه بالنصف، قال لأنه يصير قرضًا (١)، وليس للمأذون أن يُقْرِض فإن القرض تبرع (٢)؛ قال بعض مشايخنا (٣): وهذا التعليل غلط؛ وإنما الصحيح من التعليل أن هذا دَفَع البذر مزارعة، ودفع البذر مزارعة وحده لا يجوز؛ لأن صاحب البذر مستأجر الأرض، وشرط الإجارة التخلية بين المستأجر وبين ما استأجر، وذلك ينعدم إذا كان العامل صاحب الأرض) كذا في «المبسوط» (٤).

[للمأذون أن يُشارك شركة عنان]

(وله أن يُشارك/ شركة عِنَان (٥) وإنما قيَّد بالعِنَان؛ لأنه ليس له أن يشارك غيره شركة مُفاوضة (٦)؛ لأن شركة المفاوضة مَبْنِيَّة على الوَكالة والكفالة؛ والوكالة وإن كانت داخلة تحت الإذن [فالكفالة غير داخلة تحت الإذن] (٧)، فباعتبار الكفالة لا تدخل شركة المفاوضة تحت الإذن إلا أن المفاوضة [تحت الأذن] (٨) إن كانت لا تصح مفاوضة تصح عِنانًا؛ لأن في المفاوضة عِنانًا وزيادة؛ فيصح بقدر ما يملكه المأذون، وهو الوكالة. ثم شركة العنان إنما تصح منه إذا اشترك الشريكان مطلقًا عن ذكر الشراء بالنقد والنسيئة (٩)، (أما لو اشترك العبدان المأذون لهما في التجارة شركةَ عنانٍ على أن يشتريا بالنقد والنسيئة بينهما لم يجز في ذلك النسيئة وجاز النقد؛ لأن في النسيئة معنى الكفالة عن صاحبه، والمأذون لا يملك الكفالة، أما ليس في النقد معنى الكفالة عن صاحبه فيصح بقدر ما يملك لا بقدر ما لا يملك (١٠) (١١)، كما لو شارك شركة مفاوضة صحَّ (١٢) عِنانًا لذلك، ولو أذِن لهما المَوْليان في الشركة على الشراء بالنقد والنسيئة، ولا دين عليهما فهو جائز، كما لو أذن كل واحد منهما مولاه بالكفالة أو التوكيل بالشراء بالنسيئة (١٣) كذا في «المبسوط» (١٤) و «الذخيرة» (١٥) غير أنه ذكر في «الذخيرة» (١٦) وإذا أذن له الموْلَى شركة المفاوضة لا تجوز المفاوضة منه؛ لأن إذن الموْلَى بالكفالة لا يجوز في التجارات (١٧).


(١) القَرْضُ لُغَةً: القَطْعُ. مقاييس اللغة مادة (ق ر ض) (٥/ ٧١)، لسان العرب (٧/ ٢١٦). وشرعًا: ما تعطيه من مثلي لتتقاضاه. حاشية ابن عابدين (٥/ ١٦١).
(٢) انظر: المبسوط للشيباني (٨/ ٤٩٧)، بدائع الصنائع (٧/ ١٩٧)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٠٧).
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٨)، حاشية الشلبي (٥/ ٢٠٧).
(٤) للسرخسي (٢٥/ ٨).
(٥) شركة العنان: أن يشارك صاحبه في بعض الأموال ويكون كل واحد منهما وكيلًا عن صاحبه في التصرف في النوع الذي عيَّنا من أنواع التجارة أو في جميع أنواع التجارة إذا عيَّنا ذلك أو أطلقا، ويُبيِّنان قدر الربح. تحفة الفقهاء (٣/ ٧) أنيس الفقهاء (ص: ٦٩).
(٦) شركة المفاوضة: وهي أن يشترك متساويان تصرفا ودَينًا ومالًا وربحًا، وتتضمن الوكالة والكفالة. ملتقى الأبحر (ص: ٥٤٧).
(٧) سقطت في (ع).
(٨) سقطت في (أ).
(٩) قال ابن بطال: (العلماء مجمعون على جواز البيع بالنسيئة). شرح صحيح البخاري؛ لابن بطال (٦/ ٢٠٨).
(١٠) سقطت في (ع).
(١١) في (ع) زيادة (كما هو جائز).
(١٢) سقطت في (أ).
(١٣) ربا النسيئة: هو الزيادة المشروطة التي يأخذها الدائن من المدين نظير التأجيل. انظر: تبيين الحقائق (٤/ ٨٥)، القاموس الفقهي (ص: ١٤٤)، معجم لغة الفقهاء (ص: ٢١٨).
(١٤) للسرخسي (٢٦/ ٢٩).
(١٥) انظر: المبسوط للشيباني (٩/ ١٧١)، بدائع الصنائع (٧/ ١٩٥)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٠٧).
(١٦) انظر: درر الحكام (٢/ ٢٧٧)، الدر المختار (٦/ ١٦٠).
(١٧) قال الكاساني: (وَلَا يَكْفُلُ بِمَالٍ وَلَا بِنَفْسٍ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَبَرُّعٌ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى بِالْكَفَالَةِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ.) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٧).