للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تغيّر النصاب]

قلتُ: الفرقُ ظاهرٌ، وهو: أن فواتَ الوصفِ هناك واردٌ على كلِّ النِّصَاب، فصارَ كهلاكِ النصابِ كلِّهِ (١)، وذلك لأنُه لما أعَّدها للاستعمالِ لم يبقَ شيءٌ مِن المحل صالحًا لبقاءِ الحول؛ لأنّ العلوفةَ ليستْ من مالِ الزَّكَاةِ، فصار كون كلِّها علوفةً كهلاكِ كلِّها، فأمّا بعد هلاكِ البعض بقي المحلُ صالحًا لبقاءِ الحول؛ لأن الشيءَ إذا انعقدَ على الكلِّ يبقى منعقدًا على البعضِ كما في عَقْدِ المضاربةِ على ماَ بيَّنا، كذا في "المَبْسُوط" (٢).

(وتُضم قيمة العروض إلى الذَّهَبِ والْفِضَّة وهذا بالإجماع) (٣) (٤).

[[ضم قيمة العروض]]

وحاصلُ مسائل الضمّ، أن عرُوض التجارة يضمُ بَعضِها إلى بعضهِ بالقيمةِ، وإنْ اختلفتْ أجناسُها، وكذا تُضم حتى إلى النقدين] بالإجماع (٥) والسَّوَائِم مِن مختلفي الجنسِ مثلَ الإبلِ، والبقرِ، والغنم، لا يُضم بعضُها إلى بعضٍ بالإجماعِ (٦)، والنقدان يُضم أحدهما إلى الآخر في تكميلِ النصابِ عندنا (٧) (خلافًا للشافعيِّ) -رحمه الله- (٨)، ولكنْ اختلفَ علماؤنُا الثلاثةُ في كيفيةِ الضَّمِ (٩).


(١) يُنْظَر: المرجع السابق (٢/ ٢٢١).
(٢) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي (٢/ ٣١٠).
(٣) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ٣٥).
(٤) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (٢/ ٣٤)، والْمَجْمُوع (٦/ ١٨)، والدسوقي على الشرح الكبير (١/ ٤٥٥)، الْمُغْنِي (٣/ ٢، ٣).
(٥) سقطت في (ب).
(٦) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة ٢/ ٢٢١.
(٧) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي (٣/ ٣٧).
(٨) يُنْظَر: الأم (٧/ ١٤٤).
(٩) ذهب الجمهور (الحنفية والمالكية وهو رواية عن أحمد وقول الثوري والأوزاعي) إلى أن الذهب والفضة يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب، فلو كان عنده خمسة عشر مثقالا من الذهب، ومائة وخمسون درهما، فعليه الزكاة فيهما، وكذا إن كان عنده من أحدهما نصاب، ومن الآخر مالا يبلغ النصاب يزكيان جميعا، واستدلوا بأن نفعهما متحد، من حيث إنهما ثمنان، فمنهما القيم وأروش الجنايات، ويتخذان للتحلي. وذهب الشَّافِعِية وهو رواية أخرى عن أحمد وقول أبي عبيد وابْنُ أبي لَيْلَى وأبي ثور إلى أنه لا تجب في أحد الجنسين الزكاة حتى يكمل وحده نصابا، لعموم حديث: ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة.
والقائلون بالضم اختلفوا فذهب مالك وأبو يُوسُف ومُحَمَّد وأحمد في رواية إلى أن الضم يكون بالأجزاء فلو كان عنده خمسة عشر مثقالا ذهبا، وخمسون درهما لوجبت الزكاة؛ لأن الأولنصاب، والثاني ٢٥ نصاب، فيكمل منهما نصاب، وكذا لو كان عنده ثلث نصاب من أحدهما وثلثان من الآخر ونحو ذلك. وذهب أبو حنيفة إلى أنه يضم أحدهما إلى الآخر بالتقويم في أحدهما بالآخر بما هو أحظ للفقراء، أي يضم الأكثر إلى الأقل، فلو كان عنده نصف نصاب فضة، وربع نصاب ذهب تساوي قيمته نصف نصاب فضة فعليه الزكاة. يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (٢/ ٣٤)، الأم (٢/ ٤٠)، بداية المجتهد (١/ ٢٥٥)، الْمُغْنِي (٢ - ٣/ ٣).