للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: (وإنْ] افترقتْ (١) جهةِ الأعدادِ) (٢)، فإن الأعدادَ في العروض من جهةِ العِبَاد لإعدادها للتجارة، وفي النقدين من الله تعالى.

(وُيَضمُّ الذَّهَبُ إلى الْفِضَّة) (٣)، أيْ: عندنا (٤) خلافًا للشافعي -رحمه الله-، فإنه يقولُ: لا يُضمَ أحدهما إلى الآخر، بل يُعتبر كمالُ النصابِ من كُلِّ واحدِ منها على حِدة، قال: لأنهما جنسان مختلفان، فلا يُضم أحُدهما إلى الآخرِ لتكميلِ النصابِ كالسَّوَائِم (٥)، وبيان الوصفِ من حيثُ (٦) الحقيقةِ غيُر مشكلٍ/ ومن حيثُ الحُكمُ أنه لا يجري بينهما ربا الفضلِ بخلافِ زكاةِ التجارةِ؛ لأنَّ تلكَ الزَّكَاةَ زكاةُ ذهب وفضة؛ ولِأَنَّ الزَّكَاة تكمل منَ قيمتها، وهي دراهم أو دنانير والقيمُ واحدةٌ.

إمّا دراهمُ أو دنانيرُ، فَمِنْ هذا الطريقِ صارَ مالُ الزَّكَاةِ جِنسًا واحدًا، فأمّا الذَّهَبُ والْفِضَّة، فإنما تجبُ الزكاة لعينها دون القِيمةِ بدلالةِ حالِ الانفرادِ، فإنّ النِصاب لا يُكَملُ بالقيمة، وإنما يُكملِ بالوزن كَثُرَتْ القيمةُ أو قلَّتْ، ولنا حديث بُكَيْر بن عبدالله بن الأشج -رضي الله عنه- (٧) قال: من السَّنةِ أنْ يضمَ الذَّهَبُ إلى الْفِضَّة في إيجابِ الزَّكَاةِ، ومُطلق السُّنةِ ينصرفُ إلى سنةِ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- (٨)، ولأنهما في حقِّ الزَّكَاةِ بمعنى مال واحدٍ بدليلين أحدُهما اعتبارُ سببِ الوجوبِ والآخُر الحُكم.

أما الحُكم؛ فلأنَ الواجبَ فيهما ربُعُ الْعُشْرِ على كلِّ حالِ والأحوال المختلفة في باب الزَّكَاةِ لابُدَّ أن يختلف واجبها إذا اعتُبَرِ قدره بنصابه، فإنَّ الشاةَ من أربعين شاةً رُبْعُ الْعُشْرِ، والشاةُ في خمسٍ من الإبل لا يكون كذلك، فيقعُ الاختلاف قدرًا، وإن اتفقتا قسمته، وإنما ينُفقُ للواجب إذا اتخذَ المال، فإنَّ الواجب في خمَسٍ مِنَ الإبلِ بناتُ مخَاض (٩) شاة، وكذلك الجذاع (١٠)، وكذلك لو كن فصلانًا (١١) إِلاَّ واحدة.


(١) في (ب): (اختلف).
(٢) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٠٥).
(٣) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ٣٥).
(٤) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي (٢/ ٣٤٧).
(٥) يُنْظَر: الام (٢/ ١٤٤).
(٦) في (أ) (حيل) وفي (ب) (حيث) ولعل مافي (ب) هو الصواب لموافقته سياق الكلام
(٧) هو: بكير بن عبدالله بن الأشج، أبو عبدالله، ويقال: أبو يُوسُف، القرشي المدني نزيل مصر، معدود من صغار التابعين. وثّقْهُ غير واحد من الحفاظ كالْبُخَارِيُ وأحمد والنسائي ويحيى بن معين وغيرهم.
يُنْظَر: سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاء (٦/ ١٧٠)، تهذيب التهذيب (١/ ٤٩١)، تهذيب الكمال (٤/ ٢٤٢).
(٨) يُنْظَر: تَبْيِينُ الْحَقَائِق (١/ ٢٨١).
(٩) "المِخَاضُ" بفتح الميم والكسر لغة: وجع الولادة ويقال نوق "مَخَاضٌ" بالفتح الواحدة "خَلِفَةٌ"، والأنثى "بِنْتُ مَخَاضٍ" والجمع فيهما "بَنَاتُ مَخَاض" وقد يقال "ابْن المَخَاضِ" بزيادة اللام سمي بذلك؛ لأن أمه قد ضربها الفحل فحملت ولحقت بالمخاض وهن الحوامل. يُنْظَر: المصباح المنير (ص: ٢٩٢).
(١٠) الجذع قبل الثنى، والجمع جذعان وجذاع، والانثى جذعة، والجمع جذعات. تقول منه لولد الشاة في السنة الثانية ولولد البقر والحافر في السنة الثالثة، وللابل في السنة الخامسة: أجذع. يُنْظَر: الصِّحَاح (٣/ ١١٩٤).
(١١) يقال لولد الناقة إذا أكل أو شرب فصيل ولايزال فصيلاً حتى تُلَقْح الإبل من قابل والأنثى يقال لها فصيلة، يُنْظَر: المخصص لأبن سيده (٢/ ١٥٣).