للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال مالك (١) والشافعي (٢): يحل اللعب بالشطرنج، وأبو زيد الحكيم (٣) ونختار قولهما». كذا في الذَّخيرة (٤).

[في شهادة آكل الربا]

«وشرط في الأصل أن يكون آكل الربا مشهوراً به» (٥).

وعن هذا وقع الفرق بين هذا وبين أكل مال اليتيم.

فقال في الذَّخيرة (٦): «وكان ينبغي أنْ تزول العدالة بالأكل مرة كأكل مال اليتيم، لأنَّ كل واحد منهما كبيرة ومع هذا شرط الإدمان في أكل الربا.

واختلف المشايخ في علَّته.

قال: بعضهم إنَّما شرط ذلك؛ لأنَّ الإنسان عسى يُبتلى بذلك، لأنَّ البياعات (٧) الفاسدة كلها ربا، ولا [يمكن] (٨) التحرُّز عن جميع الأسباب المفسدة للعقد، [فقد] (٩) لا يهتدي إلى ذلك، فلو ردت شهادته إذا ابتلي به مرة لا يبقى في الدنيا مقبول الشَّهادة، فلذلك شرط أن يكون مشهوراً بذلك مقيماً عليه.

وقال بعضهم: بأنَّ الربا ليس بحرام محض؛ لأنَّ الربا مفيد للملك عندنا بعد اتصال القبض به، والمِلك مبيح للأكل في غير الخمر، وإن كانت حرمة السبب تمنع الأكل، فلم يكن حراماً محضاً، وكان ناقصاً في كونه كبيرة، فيجب ما ارتكب الشَّاهد في دينه أن يكون ذلك في الحرام مثل حرمة شهادة الزُّور، حتى يستدل به على شهادة الزُّور، وشهادة الزُّور حرامٌ محض؛ لأنَّه كذب، فارتكاب ما لا يكون حراماً محضاً لا يدل عليه».

بخلاف أكل مال اليتيم بغير حق، فإنَّه لم يوجد فيه ما يدل على نقصانه في [كونه] (١٠) كبيرة، فكان هو مثل شهادة الزُّور، فيدل هو عليه.


(١) ينظر: النوادر والزيادات (٨/ ٢٧٤)، القوانين الفقهية، لابن جزي، ص (٢٧٨).
(٢) ينظر: الحاوي الكبير (١٧/ ١٧٨)، البيان للعمراني (١٣/ ٢٨٧).
(٣) لم أقف له على ترجمة.
(٤) المحيط البرهاني (٨/ ٣١٦).
(٥) الهداية (٣/ ١٢٣).
(٦) المحيط البرهاني (٨/ ٣١٤).
(٧) البِيَاعات: جمع بيعة، وهي: الأشياءُ التي يُتَبايَع بها للتجارة، والابتياع: الاشتراء، والبَيعة: الصَّفقة على إيجابِ البَيع وعلى المُبايَعَةِ والطَّاعة.
ينظر: العين للخليل بن أحمد (٢/ ٢٦٥)، المخصص لابن سيده (٣/ ١٣٢).
(٨) في «س»: [يمكنه].
(٩) في «ج»: [فقال].
(١٠) سقط من «س».