للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: لَا (١) أُسَلِّمُ أَنَّهُمَا عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ المُمْتَنِعَ فِيهِمَا مُخْتَلِفٌ؛ إِذِ المُمْتَنِعُ فِي السِّوَاكِ الأَمْرُ، فَإنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنِ المَشَقَّةُ لِأَمرٍ، وَلَوْ أَمَرَ كَانَ وَاجِبًا؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الأَمرِ مَحْمُولٌ عَلَى الوُجُوبِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنِ الأَمْرُ بِاعْتِبَارِ وُجُودِ المَشَقَّةِ؛ يَلْزَمُ ثُبُوتَ مَا دُونَ مُقْتَضَى الأَمْرِ (٢)؛ وَهُوَ السُّنَةُ، وَالمُمْتَنِعُ ها هُنَا التَّأْخِيرُ، وَلَوْ أَخَّرَ لَكَانَ سُنَّةً؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ أَفْعَالِهِ مَحْمُولٌ عَلَى السُّنَّةِ، إِلَّا إِذَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى الوُجُوبِ، فَلَمَّا لَمْ يُؤَخِّرْ؛ ثَبَتَ مَا دُونَ السُّنَّةِ؛ وَهُوَ الاسْتِحْبَابُ، عَلَى أنَّ ذَلِكَ الحَدِيثِ لَا يَرُدُّ عَلَى المُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَسَّكْ فِي سُنِيَّةِ السِّوَاكِ بِذَلِكَ الحَدِيثِ، بَلْ َتَمَسَّكَ بِمُوَاظَبَةِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَلَم تُنْقَلِ المُواظَبَةُ عَلَى التَّأْخِيرِ هُنَا، فَكَانَ مُسْتَحَبًّا بِمُقْتَضَى هَذَا الحَدِيثِ.

[تعجيل العشاء فِي الصيف]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَقِيلَ: فِي الصَّيْفِ تُعَجَّلَ (٣) كَيْلَا تَتَقَلَّلَ الجَمَاعَةُ)

كَانَ مِنْ حَقِّ هّذَا القَوْلِ أَنْ يُؤَخَّرَ عَنْ التَّقَاسِيمِ أَجْمَعَ مِنْ قَوْلِهِ -رحمه الله-: (وَتَأْخِيرُ العِشَاءِ إِلَى مَا قَبْلَ ثُلُثِ الليْلِ).

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَالتَّأْخِيرُ إِلَى نِصْفِ الليْلِ)، وَقَوْلُهُ: (وَإِلَى النِّصْفِ الأَخِيرِ مَكْرُوهٌ) (٤) (٥)،


(١) (لا) ساقطة من (ب).
(٢) المقتضى: هو زيادة على النص ثبت شرطًا لصحة المنصوص الثابت به كالثابت بدلالة النص إلا عند المعارضة انظر: " المغني في أصول الفقه للخبازي" (١٥٧)، و"المستصفى للنسفي ": (٢/ ٦١)
(٣) فِي (ب): (يُعجّل).
(٤) فِي (ب): (وإِلَى نصف الليل الآخر).
(٥) يقول صاحب الهداية: (والتأخير إِلَى نصف الليل مباح لِأَنَّ دليل الكراهة وهُوَ تقليل الجماعة عارضه دليل الندب وهُوَ قطع السمر بواحدة فتثبت الإباحة وإِلَى النصف الأخير مكروه لمَا فِيهِ من تقليل الجماعة وقد انقطع السمر قبله) ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤١).