للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْ يُقَدَّمُ هُوَ عَلَى التَقَاسِيمِ أَجْمَعَ؛ لمَا أَنَّ هَذِهِ التَّقَاسِيمَ فِي حَقِّ الشِّتَاءِ لَا فِي حَقِّ الصَّيْفِ.

قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ: (وَتَأْخِيرُ العِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ الليْلِ أَفْضَلُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا فِي الشِّتَاءِ مِنَ التَّعْجِيلِ لِأَوَّلِ (١) الوَقْتِ، وَفِي الصَّيْفِ التَّعْجِيلُ أَفْضَلُ مِنَ التَّأْخِيرِ) (٢)، وَكَذَا ذَكَرَ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (٣) فِي "فتاوى قاضي خان" (٤).

قُلْتُ: جَازَ أنْ يَكُونَ عِنْدَ المُصَنِّفِ (٥) اسْتِحْبَابُ تَعْجِيلِ العِشَاءِ فِي الصَّيْفِ، هُوَ قَوْلُ البَعْضِ؛ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا القَوْلَ بَعْدَ ذِكْرِ أَحَدِ الأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ؛ إِنَّمَا كَانَ لَضَرُورَةِ تَقْدِيمِ لَفْظِ القُدُورِي.

وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا؛ مَا ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ فِي "التَّجْنِيسِ"، فَقَالَ: (قَالَ بَعْضُ المَشَايِخِ: يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ (٦) فِي الصَّيْفِ بِقَوْلِهِمَا، وَفِي الشِّتَاءِ؛ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ) (٧)

وَلِلشَّافِعِيِّ -رحمه الله- قَوْلَانِ، قَالَ فِي قَوْلٍ مِثْلَ قَوْلِنَا (٨)، وَفِي قَوْلٍ (٩): التَّعْجِيلُ فِيهِ أَفْضَلُ أَيْضًا.

وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ (١٠) -رحمه الله- بمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي العِشَاءَ حِينَ يَسْقُطُ القَمَرُ لِلّيْلَةِ الثَّالِثَةِ (١١)، وَذَلِكَ عِنْدَ (١٢) غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ يَكُونُ، وَلَنَا مَا ذَكَرْنَا مِنَ الحَدِيثِ، وامَّا تَعَلُّقُهُ بِذَلِكَ الحَدِيثِ؛ قُلْنَا: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ هَذَا (١٣) فِي الصَّيْفِ، وَعِنْدَنَا فِي الصَّيْفِ التَّعْجِيلُ أَفْضَلُ.


(١) فِي (ب): (الأول).
(٢) ينظر: "فوائد القُدُوري" (ص ١٦)، و" البناية شرح الهداية للعيني " (٢/ ٤٩).
(٣) فِي (ب): (وكَذَلِكَ ذكرنا التفصيل بين العشاء والصيف).
(٤) ينظر: "فتاوى قاضي خان" (٩١ - ٩٢).
(٥) فِي (ب): (الصيف).
(٦) (يؤخذ) خطأ والصواب (يؤخر) كَمَا فِي "التجنيس والمزيد، للمرغيناني" (١/ ٣٨٠).
(٧) ينظر: "التجنيس والمزيد، للمرغيناني" (١/ ٣٨٠).
(٨) وهُوَ قوله فِي الجديد، وقَالَ النووي: (تأخيرها أفضل وهُوَ نصه فِي أكثر الكتب الجديدة، لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لولا أن أشق عَلَى أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إِلَى ثلث الليل أو نصفه». ينظر: "المجموع شرح المهذب؛ للنووي" (٣/ ٥٨).
(٩) وهُوَ قوله فِي القديم. ينظر: "المجموع شرح المهذب؛ للنووي" (٣/ ٥٨).
(١٠) ينظر: المرجع السابق (٣/ ٥٨).
(١١) فِي (ب): (سقط القمر فِي الليلة الثالثة).
(١٢) فِي (ب): (وعند ذلك).
(١٣) فِي (ب): (هكذا).