للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(بيانه: عشرة أرطالِ عصيرٍ طُبِخَ حتّى ذهب رِطْلٌ، ثم أهريق ثلاثة أرطال: [تأخُذُ] (١) ثُلُثَ العصيرِ كُلِّه، وهو ثلاثةٌ وثُلُث، [وتَضْرِبُهُ] (٢) فيما بَقِي) (٣) إلى آخره؛ وذلك لأنّ الرِّطْلَ الذّاهب في الغليان في المعنى داخلٌ فيما بقي، وكان الباقي قبل أن ينْصَبَّ منه شيءٌ تسعة أرطال، فعرفنا أنّ كلّ رِطْلٍ من ذلك في معنى رِطْلٍ وتُسْعِ رِطْل؛ لأنّ الرِّطْلَ الذّاهب بالغليان يُقْسَّمُ على ما بقي أَتْسَاعًا، فإذا انْصَبَّ منه ثلاثةُ أرطالٍ؛ فهذا في المعنى ثلاثةُ أَرْطالٍ وثلاثةُ أَتْساعِ رِطْل، فيكونُ الباقي مِنهُ سِتَّةُ أرطالٍ وسِتَّةُ أتساع رِطْلٍ، فيَطْبَخُهُ حتّى يبقى مِنهُ الثُّلُث، وهو رِطلانِ وتُسْعا رِطْل، كذا في "المبسوط" (٤)، والله أعلم.

كتاب الصّيد

[[مناسبة كتاب الصيد لكتاب الأشربة]]

أورد الصّيد بعد الأشربة؛ إمّا لأن كلاً منهما قد يصير من أسباب التَّلَهِّي (٥)؛ {لأنّ التَّلَهِّي} (٦) بالأَشْرِبة حرامٌ، وبالصّيد مكروهٌ، فقدَّمَ الحرامَ لِقُوَّتِه على المكروه لضعفه؛ وإمّا لأن كلَّ واحدٍ منهما يُوْرِثُ الطَّرَب والسُّرُورَ (٧).

أمّا الأَشْرِبَةُ فَلِما ذَكَرْنا مِنْ حَدِّ السُّكْرِ، وأمّا الصّيد فلِإِيْلاعِ الْمُلُوكِ وأصْحابِ السُّرُورِ بِذَلِكَ، لَكِنَّ السُّرُورَ في السُّكْرِ إنّما يحصلُ بِشَيءٍ داخِلِيٍّ، والسُّرُورُ في الصَّيْدِ شيءٌ خارِجيٌّ، فكانَ الدَّاخِلِيُ أكثَرَ لُصُوقَاً بالآدَمِيِّ مِنَ الخَارِجِيِّ؛ فقَدَّمَ ما هو [الأكْثَر] (٨) لُصُوْقَاً على الذي هو أقَلَّ لُصُوْقَاً (٩).

[[محاسن الصيد]]

وأمّا مَحَاسِنُ الصَّيْدِ: فَإِنَّهُ مِنَ الْمَكَاسِبِ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الكِتَابِ (١٠)، وغَيرِهِ (١١)؛ فحينئذ كانت الْمَحَاسِنُ المذْكُوْرَة في {كِتابِ} (١٢) البُيُوعِ مذكورةٌ هَهُنا؛ ولِأَنّ فيهِ تحقيقُ مِنَّةِ اللهِ تعالى بِقَوله: {خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعا} (١٣) (١٤).


(١) في (ب): (نأخُذُ).
(٢) في (ب): (ونضرِبُه).
(٣) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٣٧).
(٤) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ٣٧ - ٣٨)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١٠٩)، الفتاوى الهندية (٥/ ٤١٤).
(٥) يُنْظَر: اللباب في شرح الكتاب (٣/ ٢١٧)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١١٠)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٠٥)
(٦) سقطت من (ب).
(٧) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ١١٠)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٠٥)، تكملة فتح القدير لابن الهمام (١٠/ ١١٠).
(٨) في (ب): (أَكْثَر).
(٩) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ١١٠)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٠٥)، تكملة فتح القدير (١٠/ ١١٠).
(١٠) الكتاب: المراد به هنا كتاب "الهداية شرح البداية"، وذلك في قوله: (ولِأَنَّهُ نَوْعُ اكْتِسَابٍ وَانْتِفَاعٌ بِمَا هُوَ مَخْلُوْقٌ لِذَلِكَ). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٣٩).
(١١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٢٢٠)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١١٢)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٠٦).
(١٢) سقطت من (أ).
(١٣) سورة البقرة الآية (٢٩).
(١٤) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ١١١)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٠٥)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٥٧٤).