للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[إمامة الرجل للمرأة]]

قلنا: وجوب التوسط بالسنة لا بالتعليل ذكر (١) في «شرح الطحاوي» (٢): إمامة الرجل للمرأة جائزة إذا نوى (٣) الإمام إمامتها إذا لم يكن في الخلوة (٤)، فأما إذا كان في الخلوة، فإن كان الإمام لهن أو لبعضهن محرمًا فإنه يجوز ويكره. فإن قلت: من أين وقعت المفارقة بين جنس الصلوات وبين صلاة الجنازة حيث يكره إمامة المرأة للنساء في الصلوات كلها من الفرائض والنوافل، وفي صلاة الجنازة لا يكره (٥) (٦).

قلت: لأن الجماعة في المكتوبة، وفي التراويح (٧) سنة ولا يتوصل الإنسان إلى إقامة هذه السنة إلا بارتكاب مكروه وهو قيام الإمام وسطهن، ومتى لم يتوصل الإنسان إلى إقامة (٨) السنة إلا بارتكاب المكروه كان ترك السنة أولى من ارتكاب المكروه والبدعة، فأما صلاة الجنازة مفروضة، وقيام الإمام وسطهن مكروه، وقد ابتلين بين ترك الفرض تحرزًا عن ارتكاب المكروه وبين إقامة الفرض مع ارتكاب المكروه فكان إقامة الفرض مع ارتكاب المكروه أولى، وإنما قلنا ذلك؛ لأنهن إن صلين بجماعة وقامت الإمام وسطهن كان في ذلك ارتكاب مكروه مع إقامة الفرض؛ لأن الصلاة من الكل تقع فرضًا، وإن صلين فرادى حتى لا يؤدي إلى ارتكاب المكروه أدى ذلك إلى فوات الصلاة عن البعض؛ لأن الفرض يسقط بأداء الواحدة، وقد يتفق فراغ الواحدة قبل فراغ الباقيات، فتكون الصلاة من الباقيات نفلا (٩) والتنفل بصلاة الجنازة غير مشروع، فعلم أنهن أبتلين بين ترك الفرض وبين ارتكاب المكروه كذا ذكره شيخ الإسلام -رحمه الله- في باب غسل الميت من «المبسوط» (١٠).


(١) في (ب): وذكر.
(٢) إمَامَةُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ جَائِزَةٌ إذَا نَوَى الْإِمَامُ إمَامَتَهَا ولم يَكُنْ في الْخَلْوَةِ أَمَّا إذَا كان الْإِمَامُ في الْخَلْوَةِ فَإِنْ كان الْإِمَامُ لَهُنَّ أو لِبَعْضِهِنَّ مُحْرِمًا فإنه يَجُوز. ينظر: الفتاوى الهندية (١/ ٨٥).
(٣) في (ب): يرى.
(٤) تعريف الخلوة: الخلوة محادثة السر مع الحق حيث لا أحد ولا ملك والخلوة الصحيحة هي غلق الرجل الباب على منكوحته بلا مانع وطء. ينظر: التوقيف على مهمات التعاريف (١/ ٣٢٢)، التعريفات (١/ ١٣٦).
(٥) ينظر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (١/ ٣٠٣).
(٦) يُنْظَر: الفتاوى الهندية: ١/ ٨٥.
(٧) صلاة التراويخ: الترويحة الجلسة في الأصل ثم سميت بها الأربع ركعات التي آخرها الترويحة. روى الحسن عن أبي حنيفة صفتها بقوله (التراويح سنة) كما في الخلاصة وهي مؤكدة كما في الاختيار وروى أسد بن عمرو عن أبي يوسف قال سألت أبا حنيفة عن التراويح وما فعله عمر رضي الله عنه فقال: التراويح سنة مؤكدة ولم يتخرصه عمر من تلقاء نفسه ولم يكن فيه مبتدعا ولم يأمر به إلا عن أصل لديه وعهد من رسول الله صلى الله عليه و سلم وهي سنة عين مؤكدة (على الرجال والنساء) ثبتت سنيتها بفعل النبي صلى الله عليه و سلم وقوله قال " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي " وقد واظب عليها عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم. ينظر: مراقي الفلاح (١/ ١٨٣).
(٨) في (ب): زيادة هذه.
(٩) تعريف النفل: ما تَنَفَّلهُ الرجلُ من إعطاء ما لا يجب عليه من الصلاةِ النافلة وغيرِها، والنَّفَل: الغنائم.
ينظر: الاشتقاق (١/ ١٥٦).
(١٠) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ٢/ ١٢٥، والعناية شرح الهداية: ١/ ٣٥٤.