للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: لحديث ابن عباس رضي الله عنه وحديثه هو: أن ابن عباس يقول: بت عند خالتي ميمونة رض (١) لأراقب صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالليل فانتبه فقال: نامت العيون وغارت النجوم، وبقي الحي القيوم، ثم قرأ آخر سورة آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ} (٢) إلى آخرها، ثم قام إلى شن معلق فتوضأ وافتتح الصلاة، فقمت وتوضأت، ووقفت على يساره، فأخذ بأذني وأدارني خلفه حتى أقامني عن يمينه. وفي رواية مبسوط شيخ الإسلام: وقمت خلفه فأخذ ذؤابتي وأقامني عن يمينه، فعدت إلى مكاني، فأعادني ثانيًا وثالثًا، فلما فرغ قال: «ما منعك يا غلام أن تثبت في الموضع الذي أوقفتك؟»، قلت: أنت رسول الله ولا ينبغي لأحد أن يساويك في الموقف، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم (٣) فقهه في الدين وعلمه التأويل» (٤)، فإعادة رسول الله عليه السلام إياه إلى الجانب الأيمن دليل على أنه هو المختار إذا كان مع (٥) الإمام رجل واحد (٦).

وفي ظاهر الرواية (٧): لا يتأخر المقتدي عن الإمام (٨)، وعن محمد -رحمه الله- قال: ينبغي أن يكون أصابعه عند عقب الإمام، وهو الذي وقع عند العوام، وإن كان المقتدي أطول فكان سجوده قدام الإمام لم يضره؛ لأن العبرة لموضع الوقوف لا لموضع السجود كما لو وقف في الصف ووقع سجوده أمام الإمام لطوله. كذا في «المبسوط» (٩)؛ لأنه خالف السنة، السنة هي ما ذكرنا (١٠) من حديث ابن عباس آنفًا، وذكر شيخ الإسلام من (١١) مشايخنا من قال: بأن الجواب في الفصلين (١٢) واحد.


(١) هي: ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية. آخر امرأة تزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وآخر من مات من زوجاته. كان اسمها (برة) فسماها (ميمونة) بايعت بمكة قبل الهجرة. وكانت زوجة أبي رهم بن عبد العزى العامري. ومات عنها. فتزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة ٧ هـ. وروت عنه ٧٦ حديثًا. وعاشت ٨٠ سنة. وتوفيت في (سرف) وهو الموضع الذي كان فيه زواجها بالنبي -صلى الله عليه وسلم- قرب مكة، ودفنت به.
(الإصابة في تمييز الصحابة: ٨/ ١٢٦)، و (الثقات لابن حبان: ٢/ ١٤٠)، و (تهذيب الكمال: ٣٥/ ٣١٢).
(٢) سورة آل عمران الآية (١٩٠).
(٣) ساقط من (ب).
(٤) رواه أحمد في مسنده (٢٨٨١ - ١/ ٣١٤). وَلِأَحْمَدَ طَرِيقَانِ رِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ. ينظر: (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٩/ ٢٧٦).
(٥) في (ب): معه.
(٦) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٥٤، ٣٥٥.
(٧) المقصود من ظاهر الرواية هو ما روي عن الأئمة الثلاثة في المذهب أبي حَنِيفَةَ وأبي يُوسُف ومُحَمَّد في الكتب الستة لمُحَمَّد بن الحسن الشَّيْبَانِيّ والتي تعارفوا على تسميتها بكتب ظاهر الرواية. يُنْظَر عقود رسم المفتي لابن عابدين (ص ٤٧).
(٨) ساقط من (ب).
(٩) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٧٧.
(١٠) في (ب): هي ما ذكر.
(١١) ساقط من (ب).
(١٢) إذا قال المصنف الفصلين فإنه يقصد المسألتين وهو هنا يشير إلى مسألتين إذا كان خلف الإمام أو يساره.